3 دقائق قراءة

“الوداع الأخير” شعور يومي ينتاب نشطاء الرقة

في الرقة، عاصمة “دولة الخلافة” المزعومة، التي أقرّها تنظيم الدولة […]


12 يناير 2016

في الرقة، عاصمة “دولة الخلافة” المزعومة، التي أقرّها تنظيم الدولة لنفسه بـ”حكم الأمر الواقع،” تنقل مجمل المعلومات الموثقة وتفاصيل الحياة اليومية من صحفيين مدنيين.

وفي ظل استهداف التنظيم لهم، ينتاب هؤلاء الصحفيين ينتابهم شعور “الوداع الأخير” يوميا، في كل مرة يغادرون فيها منازلهم، فيودعون أسرهم كأنهم لن يعودوا إلى منازلهم.

وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، أعدم تنظيم الدولة خمسة صحفيين من مدينة الرقة، كان آخرهم رقية حسن، التي تبلغ الثلاثين عاما، وتم إبلاغ أسرتها بإعدامها بتهمة “التجسس” منذ أسبوع.

وفي آواخر الشهر الماضي، في غازي عنتاب تم قتل الصحفي والمخرج السينمائي المناهض للتنظيم، ويعمل مع “صفحة الرقة تذبح بصمت” من تركيا. ولم تتبنى أية جهة اغتياله ولكن تنظيم الدولة هو المشتبه به الأول في ذلك.

 فرات الوفا صحفي مدني مستقل، يقول لمراسل سوريا على طول عمار حمو، “لا أعتقد أن هناك شخص يشعر، وهو يمشي، بأن هناك أحد يرافقه كظله ليرديه برصاصة غدارة، أو سكين أكثر غدراً تفوح منها رائحة الموت” مثلما يشعر الصحفيين والنشطاء في الرقة.

ما هو شعورك كأحد أبناء الرقة، وناشط مناهض لتنظيم الدولة حيال ما يجري من إعدام لناشطين أو مدنيين، نتيجة نشاطهم الإعلامي؟

لا أعتقد أحداً في العالم يشعر بشعور أبناء الرقة، أو يتصور شعور الناشط الذي يخرج من منزله، مودعاً أهله وداعاً وكأنه اللقاء الأخير بينهم، لأنه سيموت بأية لحظة.

أصبحت مدينة الرقة وناشطيها مادة دسمة في الإعلام العربي والعالمي، نتيجة ممارسات التنظيم بحقهم، لماذا هذا الاهتمام الإعلامي للرقة دون غيرها من المناطق؟

الناشط الرقاوي هو الأكثر عرضة للموت بين ناشطي سوريا، ففي حال نجى من القصف، شبه اليومي، فإنه لن يسلم من قبضة داعش إذا شكت بأمره أو نشاطه.

وفي حال استطاع الفرار من قبضة داعش في الرقة، فإن أهله سيبقون في متناول داعش التي ستقوم بابتزازه، من خلال اعتقال أحد أفراد أسرته والمساومة على حياته أو حياة أي فرد من أفراد الأسرة، والتهمة لدى داعش جاهزة.

وما أقوله لك مثبت بحقائق، فداعش اعتقلت والد صديقي الناشط حمود الموسى، وساومه أحد أمراء داعش إما بتسليم أصدقائه في حملة الرقة تذبح بصمت، أو ذبح أبيه، وعندما رفض قتلوا أباه مع اثنين من ناشطي الرقة في إصدار لداعش، وتم إعدامهما تحت تهمة التواصل مع جهات خارجية!!.

 ولا أعتقد أن هناك شخص يشعر وهو يمشي بأن هناك أحد يرافقه كظله ليرديه برصاصة غدارة، أو سكين أكثر غدراً تفوح منها رائحة الموت.

الموت يحيط بنا، وهنا أؤكد أننا لا نخشى الموت لأنه نهاية حتمية لكل البشر، ولكن نكره الغدر ولا نريد أن نكون رقماً سهلاً أمام قاتلي الثورة والثائرين.

بات معروفاً أن الكثير من ناشطي الرقة يمارسون نشاطهم الإعلامي من خارج المدينة، فهل خفف ذلك من معاناتكم؟

مع الأسف الناشط المتواجد في دول الجوار ليس أقل عرضة للقتل أو الاغتيال، فرصاص الغدر وسكاكينه وصلت إلى خارج حدود الرقة، لتطال أبناء الرقة في الخارج، ففقدنا مؤخراً اثنين من أبناء الرقة هما ابراهيم عبد القادر وفارس حمادي، بعد أن قتلا ذبحاً على يد أحد عناصر التنظيم الذي ادعى انشقاقه، فاستضافاه عندهما ليذبحهما!!.

هل ستتسبب الأخطار المحيطة بكم، ومعاناتكم، بتوقفكم عن نشاطكم الإعلامي؟

على العكس تماماً، تنظيم داعش، وكل القتلة في سوريا، يبدو أنهم لا يدركون أن دماء الشهداء هي كالوقود يدفعنا إلى الإصرار على متابعة عملنا، فالظلم لن يدوم.

وأود أن أؤكد أن ملاحقة داعش للناشطين داخل الرقة وخارجها، يؤكد حجم الضرر الذين تعرضوا له من أقلام وكميرات هؤلاء الناشطين.

شارك هذا المقال