9 دقائق قراءة

بعد مرور زمن على رحيل أهالي كفريا والفوعة.. عائلات المهجّرين تأخذ أماكنهم

مقاتل من المعارضة يراقب الحافلات التي تستعد لدخول الفوعة وكفريا […]


مقاتل من المعارضة يراقب الحافلات التي تستعد لدخول الفوعة وكفريا في 18 تموز. تصوير عمر حاج قدور.

في مشهد كان يتكرر دائماً على مرأى أبو علي، عندما كان في مدينة الفوعة، مسقط رأسه، كانت الحافلات تصل وتغادر مراراً وتكراراً بين فترة وأخرى.

في ذلك الحين، كانت تحمل الحافلات – التي تغادر القرية – في بعض الأحيان مجموعة من جيرانه، وفي أحيان أخرى تعود أدراجها فارغة إلى الخطوط الأمامية بعد هدر وقت طويل في الانتظار.

وفي كل مرة، كانت الحافلات بمثابة تذكير أن مصير بلدتي الفوعة وكفريا – وهما قريتان ذات غالبية شيعية كانتا تحت سيطرة الحكومة في قلب محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة – يتم تحديده في مكان ما، ويمثل ورقة مساومة في مفاوضات معقدة لن تشمل في نهاية المطاف إلا الجهات الفاعلة في الصراع السوري.

وقال أبو علي، وهو مدرس سابق، لسوريا على طول “لقد سمعنا الكثير عن كسر الحصار، ولكن تبين لنا أنه غير صحيح، وأحياناً كان يتم إطلاق سراح السجناء بدلاً منا”.

وبحلول أيلول 2015، أصبحت المدينتان محور “اتفاق المدن الأربعة” وهو ترتيب غامض تم التفاوض عليه من قبل مجموعة من الجهات الفاعلة المسلحة ومؤيديهم الإقليميين، ومن بينهم إيران وحزب الله اللبناني، حلفاء الحكومة السورية، فضلاً عن الفصائل السنية المعارضة وداعميهم القطريين.

وارتبط اتفاق الفوعة وكفريا ببلدتين ذات أغلبية سنية تسيطر عليهما المعارضة، وهما الزبداني ومضايا، في دمشق، حيث كانت كلاً من الزبداني ومضايا محاصرتين قي ذلك الوقت أيضاً، لكن من قبل القوات الموالية للحكومة، وأثار حصار مضايا على وجه الخصوص غضباً دولياً، حيث عانى المدنيون هناك من المجاعة الجماعية وانتشار الأمراض.

ووفقاً للمحادثات الأولية، نص اتفاق المدن الأربعة على أن أي تطورات تحدث في واحدة من المدن الأربع المحددة سيتم تكرارها في المدن الثلاثة الأخرى: التساوي في وقف إطلاق النار، وإجلاء الحالات الطبية الطارئة، فضلاً عن تسليم المساعدات الإنسانية الضرورية. وعندما غادرت حافلات إجلاء الفوعة وكفريا، كانت القوافل تغادر من مضايا أو الزبداني أيضاً.

ودعا تكرار لاحق للاتفاقية، في أوائل عام 2017 إلى إجلاء متزامن للسكان والمقاتلين من كافة المدن الأربع، في ما اعتبره العديد من المراقبين جزءاً من خطة تغيير ديموغرافي للمجتمعات المنتشرة في جميع أنحاء البلاد.

ولكن عندما وصلت بعض المساعدات إلى الجيوب المحاصرة بموجب الاتفاق وتم إجلاء  آلاف الأشخاص، فإن اتفاقية المدن الأربع – بسبب الصفقات الخفية التي تملي شروطها- وصفت بالضعف والخلل الوظيفي بدلاً من نجاحها في نهاية المطاف.

Embed from Getty Images

سيارات الإسعاف تنقل المرضى من الفوعة وكفريا خلال عمليات الإجلاء في  19 تموز 2018. الصورة من جورج أرفليان/AFP.

وكثيراً ما كانت عمليات الإجلاء متعددة المراحل تؤجل أو تلغى بكل بساطة، ليندلع العنف المتبادل مجدداً. وفي نيسان 2017، هاجم انتحاري حافلات الإجلاء بعد وقت قصير من مغادرتها الفوعة وكفريا، مما أسفر عن مقتل 126 شخصاً وإصابة مئات آخرين.

أما بالنسبة لأولئك الذين بقوا في الفوعة وكفريا فإن أوضاعهم تدهورت بشكل كبير، وكان آلاف السكان يعتمدون على إدخال المساعدات الحكومية المتقطعة والضرورية للحياة مثل الغذاء والوقود إلى أن تم تقليل تلك المساعدات واختفائها في النهاية. وفي كل أسبوع، كان يتم إنزال سلع مختلفة بالمظلات مثل الملح والخبز والسكر.

في ذلك الوقت، لم يكن بأيدي المدنيين المحاصرين في الفوعة وكفريا، ومن بينهم أبو علي، حيلة سوى الانتظار. وفي كل مرة كان يُسمع فيها عن عملية إجلاء محتملة، كان المدنيون يجمعون ممتلكاتهم على عجل ويودّعون بعضهم ويستعدّون للمغادرة.

وقال أبو علي “على مدى أشهر، كنا نجهز أنفسنا لمغادرة قرانا، فقط على أمل العودة إلى موطننا في وقت لاحق”.

وأخيراً، في إحدى الليالي في تموز من العام الماضي، قامت قافلة مكونة من 121 حافلة، ترافقها سيارات الهلال الأحمر العربي السوري، بإجلاء نحو 7000 من السكان المتبقين من المدينتين واتجهت إلى مركز عبور في قرية جبرين الريفية في حلب، وفي الوقت نفسه، تم الإفراج عن مئات المعتقلين في مراكز الاحتجاز الحكومية في صفقة تبادل، وهذه المرة تم التفاوض بين الفصائل الإسلامية المتشددة “هيئة تحرير الشام”  والحكومة السورية.

وأكد أبو علي “بدا الأمر كما لو أننا كنا في السجن، ثم خرجنا إلى العالم”.

وفي الوقت الذي طويت فيه صفحة حصار فصائل المعارضة الذي استمر لثلاث سنوات، بقيت ظروف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم  إلى خارج إدلب غامضة، وتركت منازلهم غير مأهولة وخاضعة لأهواء الفصائل المعارضة التي جاءت لحكم المنطقة التي حاصرتها لفترة طويلة.

وبعد ستة أشهر، كشفت شهادات من مدنيين استقروا في الفوعة وكفريا المأهولة الآن، إضافة إلى شهادات من أهالي كفريا والفوعة الأصليين الذين انتهى بهم المطاف في مدينة اللاذقية الساحلية، عن أوضاع مجتمعين متباينين ارتبطا بدورة النزوح المستمرة و التي لا تزال تتردد أصداؤها في كل أنحاء سوريا.

وكالعادة يتم فيها إفراغ المنازل قبل دخول السكان الجدد.

وأوضح أبو علي “لا نعرف شيء عن بيوتنا، لكننا نعلم أن أشخاصاً سيعيشون فيها بعد خروجنا”. 

Embed from Getty Images 

الفوعة في 19 تموز 2018، بعد إجلاء جميع السكان المتبقين إلى حلب. تصوير محمد حاج قدور /AFP.

عودة مدن الأشباح إلى الحياة

مع إخلاء البلدتين في إدلب، وتهجير جميع السكان المتبقين البالغ عددهم 7000 شخصاً، سرعان ما تحركت فصائل المعارضة بسرعة، وتم إعلان الفوعة وكفريا مناطق عسكرية من قبل مجموعة من الفصائل، بما في ذلك هيئة تحرير الشام ومنافسها الحالي أحرار الشام، والتي فرضت سيطرتها هناك فور انتهاء عمليات الإجلاء في تموز الماضي.

وبادئ الأمر، مُنع المدنيون في المنطقة من دخول البلدتين، حيث قامت فصائل المعارضة المختلفة بتحمل مسؤولية إزالة الألغام التي تركت مزروعة بين المباني المدمرة وأكوام الأنقاض القريبة من خطوط الاشتباك الأمامية السابقة.

وفي غضون أسابيع، بدأت الأسر ومعظمهم من أقرباء المقاتلين المحليين بدخول ماكان في ذلك الوقت “مدن الأشباح” واحتلالها، وفقاً لما وصفه يحيى الحمصي، الذي يعيش الآن في ضواحي الفوعة بعد نزوحه في العام الماضي.

وغادر الحمصي جيباً كان محاصراً في السابق في شمال حمص إلى محافظة إدلب في أيار، وذلك بعد أن أدرجت بلدته تحت عمليات الإجلاء القسري بعد سنوات من العيش تحت ظروف الحصار، بالإضافة إلى نقص الإمدادات الطبية النادرة والمواد الغذائية والقصف المتكرر من قبل القوات الموالية للحكومة.

وكان العديد من الوافدين الجدد إلى الفوعة وكفريا من النازحين السوريين، مثلهم مثل المالكين الأصليين للمنازل التي يسكنوها الآن، والذين نقلتهم الحافلات من داخل الحصار المحكم إلى مناطق غير مألوفة بالنسبة لهم من البلاد.

وأكد الحمصي أنه عندما انتقل إلى الفوعة كانت المدن “غير مناسبة للعيش على الإطلاق”، حيث كان المنزل الذي اختاره على مشارف الفوعة إلى جانب العديد من الأماكن الأخرى: لايوجد فيها شيء لا نوافذ ولا أبواب، حتى الأنابيب تم سرقتها.

وأضاف أنه منذ ذلك الحين عادت الحياة ببطء إلى المدن. وتمت إزالة الأنقاض، وإصلاح المنازل شيئاً فشيئاً من قبل ساكنيها الجدد. والآن أصبح هناك مخبزاً ومحلات ملابس وأسواق مفتوحة للزبائن.

وقال الحمصي “بمجرد دخول المدنيين، بدأت المنطقة تزدهر من جديد”.

ولكن، في المناطق الأخرى في سوريا مثل كفريا والفوعة التي تم فيها الاستيلاء على ممتلكات أولئك الذين أجبروا على النزوح من منازلهم، هناك نزاعات تدور حول من يمتلك حقوق ملكية المنازل والمتاجر.

وفي الأسابيع الأخيرة، اندلعت المظاهرات في البلدات احتجاجاً على مطالب مزعومة من مختلف الفصائل المسيطرة- بما في ذلك هيئة تحرير الشاموالجبهة الوطنية للتحرير المدعومة من تركيا- إما بإخلاء المنازل أو دفع إيجارات باهظة للمقاتلين الذين قاموا في البداية بتوزيع المنازل المهجورة دون أي ثمن.

Embed from Getty Images 

متطوعون يوزعون الطعام على الأهالي الذين تم إجلاؤهم من كفريا والفوعة في بلدة جبرين في محافظة حلب في ٢٠ تموز ٢٠١٨. تصوير: جورج أورفليان.

ووفقاً للسكان الحاليين – حيث نزح العديد منهم من الغوطة الشرقية وداريا وشمال حمص وغيرها من المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة سابقاً- فإن تدخل الفصائل كان بمثابة مفاجأة غير مرحب بها، خاصة بعد أن استثمر الكثيرون أموالهم الشخصية في إصلاح المباني أو المحلات المتضررة، بهدف البقاء فيها، على الأقل في المستقبل القريب.

وفي أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية في كانون الأول، تحدث متظاهر أمام الكاميرا بينما كان يحمل لافتة كتب عليها “يكفي قمع”.

وقال “لم يبق لدى السكان أي شيء. البعض لا يملك ما يكفي من المال لدفع ثمن ربطة خبز”

“هذا المنزل ليس لي”

تغيّر قاطنو المنازل والممتلكات في جميع أنحاء البلاد بشكل متكرر، وسط عمليات النزوح والإجلاء التي تمت في جميع أنحاء سوريا.

وفي شمالي غرب محافظة إدلب وحدها، تم تهجير ما يقارب نصف مجموع السكان المقدر بنحو ثلاثة ملايين شخص.

ورغم أن هجوم الحكومة الشامل لطرد المعارضة من الشمال الغربي لسوريا قد توقف في أيلول بعد اتفاقية “المنطقة العازلة” التي تم التوصل إليها في اللحظة الأخيرة بوساطة روسية – تركية، فإن التقدم الذي أحرزته هيئة تحرير الشام مؤخرا عبر الشمال الغربي وضع الاتفاقية وفترة الهدوء التي رافقتها في إدلب على المحك.

ووسط كل ذلك، تحاول الأسر النازحة الآن أن تعيش حياة مستقرة في الفوعة وكفريا، لكن هناك سؤال واحد يطرح نفسه: ماذا عن المالكين الأصليين؟

وقال الحمصي إنه مستعد لإعادة المنزل لأصحابه في حال عودة أصحابه يوما ما، مضيفاً “سأرحل وأعود إلى بيتي في حمص مهما يكن حجم الدمار الذي أصابه”.

“في النهاية، هذا المنزل ليس لي، ليس من حقي”.

ويبدو أن أم أحمد التي تعيش في الفوعة، وهي في الأصل من الغوطة الشرقية، لا ترى أي مشكلة في العيش بمنزل نزح أصحابه هناك، حيث قالت لقد كان أصحابه “ضدنا”، إلا أن الأم وضعت جميع ممتلكات أصحاب المنزل السابقين في غرفة مغلقة دون أن تمسها.

وعندما سُئلت عما إذا كانت لديها أي معلومات عن المالكين السابقين للمنزل الذي تعيش فيه الآن، أجابت أم أحمد بسخط.

“لا … لماذا؟ هل هناك أحد يعرف صاحب المنزل الذي يعيش فيه الآن؟”

وتابعت أم أحمد “لم نتواصل معهم، هذا مستحيل”.

سكان الفوعة وكفريا النازحون في البسيط في محافظة اللاذقية، ٢٤ تموز عام ٢٠١٨. تصوير: محافظة اللاذقية.

“أردنا فقط أن نكون بمكان آمن”

يقضي أبو علي، المعلم السابق في الفوعة، أيامه بعد النزوح إلى البسيط، وهو منتجع يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط الشمالي الغربي لسوريا.

وبينما تناثر سكان الفوعة وكفريا عبر المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا- في حلب وحمص وكذلك السيدة زينب في الضواحي الجنوبية لدمشق- تم نقل المئات من قبل الحكومة السورية عبر سلاسل الجبال الساحلية التي تفصل بين محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة ومحافظة اللاذقية ذات الغالبية العلوية.

وهناك، يتركز الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الفوعة وكفريا إلى حد كبير في منتجعين- البسيط ، حيث يعيش أبو علي، وكذلك صلنفة ، في المرتفعات شرق مدينة اللاذقية.

وبعد وصولهم إلى محافظة اللاذقية، قام الجيش السوري ومنظمات الإغاثة- بما في ذلك الهلال الأحمر العربي السوري- بتوزيع المساكن والمواد الأساسية مثل الغذاء والدواء والبطانيات على الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. وتم تسجيل الأطفال بسرعة في المدارس المحلية، كما نقل المرضى إلى المستشفيات لتلقي العلاج الذي طال انتظاره.

وفي البداية، بقي النازحون الجدد إلى حد كبير في منازلهم. “لم يعمل أحد منهم”، بحسب ما قاله أبو بلال، الذي توجه إلى صلنفة بعد نزوحه من الفوعة، مضيفا “أردنا فقط أن نكون في مكان آمن، وأن نسجل أطفالنا في المدرسة”.

ومع مرور الوقت، بدأت الأسر النازحة في البحث عن عمل في المحلات التجارية أو في مجال حرفهم السابقة. وانضم آخرون- من بينهم أبو علي- إلى ميليشيا قوات الدفاع الوطني الموالية للحكومة أملاً في الحصول على راتب بسيط ولكنه ضروري.

وفي حين أنه ليس من الصعب دائما العثور على عمل في منطقة تعاني فيها الخدمات العامة والإسكان والبنية التحتية من ضغوطات بسبب تضاعف عدد السكان، فإن الحياة في اللاذقية بعيدة كل البعد عن التوترات السياسية والدينية السائدة في مسقط رأس النازحين.

وقال أبو علي “يكفي أنه في اللاذقية لا أحد يعرف الطائفة التي تنتمي إليها. الطائفية هي التي أوصلتنا إلى هنا”.

وأضاف أنه في اللاذقية، يمكن أن “يعيش مثل أي شخص آخر”.

ومع ذلك، يخشى البعض أن هذا الحال لن يدوم.

وما تزال العائلات من الفوعة وكفريا تحصل على مساعدة في الإيجار من الحكومة السورية، لكن أبو علي غير متأكد من المدة التي سيستمر فيها ذلك- وقد تم إجبار العائلات النازحة من حلب التي كانت تعيش في البسيط قبل وصوله على العودة إلى حلب.

وقال أبو علي “لقد أخبرونا أن الوضع الحالي مؤقت، وأننا سننتقل بعد ذلك إلى المنازل في الضواحي”.

“لكن كيف سندفع الإيجار؟ نحن بالكاد نعيش”.

وتسببت مسائل الإسكان بخلق شعور بعدم الاستقرار لدى النازحين، وهو ما يشعر به أبو بلال، الذي كان يعمل سباك في الفوعة في إدلب.

وقال أبو بلال “نحن لا نشعر بأننا نستطيع أن نعيش حياة طبيعية هنا. ليس لنا بيوت. ليست مدينتنا”.

وتابع قائلا “نحن بحاجة إلى ما يحتاجه أي شخص للعيش، نريد تأمين لقمة العيش لأسرنا… نريد منازل ونريد العمل. نريد العودة إلى بيوتنا”.

وطالما أن الهدوء الهش في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة مستمرا، بحيث يشكل فرصة للسكان الجدد للاستقرار وتسوية أمورهم في الفوعة وكفريا، تبدو آفاق العودة للنازحين قاتمة.

ومن الفوعة إلى اللاذقية، وجد أبو علي نفسه منتظرا مرة أخرى، غير متأكد ما إذا كان سيعود إلى مسقط رأسه.

وقال “نخشى أن يكون هذا الحال دائما، يبدو أنه لا توجد نهاية في الأفق”.

 

حجبت سوريا على طول الأسماء الحقيقية لجميع الأشخاص الذين تمت إجراء مقابلات معهم في هذا التقرير لأسباب أمنية.

 

شارك هذا المقال