3 دقائق قراءة

بعد وباء الطائفية.. إيران تهدد سوريا بوباء كورونا انطلاقاً من “السيدة زينب”

لن تُسبى زينب مرتين"؛ بهذا الشعار/الذريعة وأشباهه، تم تبرير التدخل الإيراني إلى جانب بشار الأسد في مواجهة الثورة الشعبية ضده منذ العام


7 أبريل 2020

عمّان – “لن تُسبى زينب مرتين”؛ بهذا الشعار/الذريعة وأشباهه، تم تبرير التدخل الإيراني إلى جانب بشار الأسد في مواجهة الثورة الشعبية ضده منذ العام 2011، في إشارة إلى أسر زينب بنت علي بن أبي طالب وجلبها إلى دمشق على يد جيش يزيد بن معاوية عقب معركة كربلاء في العراق في القرن السابع الميلادي. 

بذلك، تحولت بلدة السيدة زينب، في ريف دمشق الجنوبي، والتي تضم ضريح الأخيرة، من بلدة ذات خصوصية دينية لأصحاب المذهب الشيعي، إلى معقل يضم بعضاً من أهم المراكز الأمنية والعسكرية للقيادات الإيرانية، ومركز تجمع للمليشيات المدعومة من طهران وحرسها الثوري.

ومع تسجيل سوريا رسمياً 19 إصابة بفيروس كورونا المستجد، بحسب وزارة الصحة في حكومة دمشق، بينها حالتا وفاة، اتخذت هذه الحكومة إجراءات مشددة، مع تمسكها بسياسة التكتم بشأن العدد الحقيقي للإصابات، والذي تؤكد مصادر حقوقية وإعلامية سورية أنه أعلى بكثير من الرقم الرسمي المعلن. 

في هذا السياق، قررت وزارة الداخلية عزل بلدة السيدة زينب بشكل كامل منذ 2 نيسان/ أبريل الحالي وحتى إشعار آخر، عقب عزل مجلس البلدة المحلي أحد الأبنية فيها للاشتباه بوجود إصابات بفيروس كورونا بين قاطنيه. مع ذلك، لم تعلن دمشق إلى الآن أي إصابات في “السيدة زينب” التي تكاد تكون عاصمة إيران في قلب العاصمة السورية، ورغم كون إيران من بين الدول الست الأكثر إصابة بوباء كورونا.

وبحسب وزارة الداخلية، فقد جاء القرار نتيجة “الاكتظاظ السكاني” في منطقة السيدة زينب، واستجابة لتحذيرات منظمة الصحة العالمية من خطورة الوضع في المناطق التي تضم مزارات دينية، في إشارة إلى تصريح ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا، نعمة سيد عيد، الذي كان أوضح أحد أسباب تقييم المنظمة للوضع في سوريا على أنه “خطير”، باحتضانها “مرقدين شريفين هما قبلة لعدد كبير من الزوار من دول المنطقة”. 

لكن، بالإضافة إلى المكانة الدينية لمقام السيدة زينب، فإن توافد مقاتلين من إيران يمثل عاملاً أكثر خطورة على صعيد انتشار “فيروس كورونا” في سوريا انطلاقاً من “السيدة زينب”، كون البلدة تعدّ أحد أهم مراكز تجمع هؤلاء المقاتلين الذين يقدر مجموعهم بنحو 50,000 مقاتل، بحسب تقرير الميزان العسكري للعام 2020، يتوافدون من لبنان وباكستان وأفغانستان وإيران. وقد كشف التقرير عن تسجيل الحرس الثوري الإيراني الذي يشرف على أولئك المقاتلين، عدة حالات إصابة بـ”كورونا”.

بؤرة إيرانية للحقد الطائفي

“الدفاع عن حرم السيدة زينب في دمشق، كالدفاع عن حرم الإمام الحسين في كربلاء [العراق]، والإمام الرضا في إيران”، كما جاء على لسان قائد فيلق القدس الإيراني السابق، قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أميركية استهدفته في بغداد، في كانون الثاني/يناير 2020. زاعماً أنه “لو سقطت سوريا بيد هؤلاء التكفيريين [يقصد جميع المعارضين لحكم الأسد] فإنهم كما فجروا مرقد الإمامين العسكريين [في بغداد] سيدمرون كل مقدسات الشيعة”.

ومع أن منطقة السيدة زينب تعرضت لعدة هجمات، تبنى تنظيم “داعش” إحداها، فقد اتهمت المعارضة السورية النظام السوري وإيران بافتعال هكذا هجمات، من حقيقة حدوثها في منطقة تخضع لحراسة مشددة من مقاتلين شيعة من عدة جنسيات، بينهم مقاتلون من حزب الله اللبناني. لكنها أسهمت، كما تصريحات إيران، في إسباغ هوية الصراع الطائفي على الثورة السورية لدى أتباع إيران أساساًَ، وبالتالي استقطاب مقاتلين شيعة إلى سوريا بذريعة حماية المقدسات منذ مرحلة مبكرة. 

إذ شهد مطلع العام 2012 ظهور المليشيات الشيعية بشكل جلي، من قبيل مليشيات “أبو الفضل العباس”  وحركة النجباء العراقية، وغيرها. كما ظهر العديد من الشخصيات الدينية والسياسية والعسكرية الإيرانية داخل مقام السيدة زينب، وسط احتفاء من وسائل الإعلام السورية والإيرانية لتلك الزيارات.

ففي نيسان/ أبريل 2019، زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، المقام فور وصوله إلى العاصمة دمشق، في “إطار محادثات مع المسؤولين السوريين”، ورافقه في الزيارة نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد. سبق ذلك ظهور قاسم سليماني، في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، خلال ممارسته طقوساً دينية عند الضريح.

طقوس دينية ووطنية إيرانية 

بداية الشهر الماضي، نشرت وكالة تسنيم الإيرانية صوراً تظهر أعمالاً معمارية ضمن مشروع توسعة وتطوير مقام زينب، والذي تنفذه لجنة إعادة إعمار العتبات المقدسة في سوريا، التابعة لطهران، كما قال رئيس اللجنة، علي رضا أكبري، في حزيران/يونيو 2017.

كذلك، أقيم طيلة السنوات الماضية عدد من الطقوس والاحتفالات الدينية في شوارع “السيدة زينب”، إلى جانب تنظيم احتفالات وطنية إيرانية، من قبيل الاحتفال بالذكرى السنوية لانتصار ثورة الخميني، أو ما يعرف بـ”الثورة الإسلامية في إيران”. إذ نشرت وكالة “تسنيم” صوراً للاحتفالات بالذكرى السنوية التاسعة والثلاثين للثورة، والتي حضرها ممثل الولي الفقيه في سوريا أبو الفضل الطباطبائي، والسفير الإيراني جواد ترك آبادي، وشخصيات دينية وسياسية إيرانية أخرى.

قبل ذلك، أقيم في المقام مهرجان خطابي، في حزيران/ يونيو 2017، بمناسبة ذكرى رحيل الخميني الذي توفي في 3 حزيران/ يونيو 1989.

شارك هذا المقال