4 دقائق قراءة

توتر العلاقات بين قوات المعارضة في دارة عزة يثير الشكوك حول استمرار الاتفاق في إدلب

بقايا انفجار في دارة عزة، الأسبوع الماضي. تصوير: المكتب الإعلامي […]


28 سبتمبر 2018

بقايا انفجار في دارة عزة، الأسبوع الماضي. تصوير: المكتب الإعلامي في مدينة دارة عزة.

أغلقت نصف الطرق المؤدية الى بلدة دارة عزة التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، يوم الخميس، بعد توتر العلاقات بين قوات المعارضة هناك، وهو ما أثار الشكوك حول تماسك الاتفاق الروسي التركي المتعلق بمصير المعارضة في شمال غرب البلاد. 

وتم تصوير مقاتلين من هيئة تحرير الشام، وهم يخرجون من بلدة دارة عزة شمال حلب، مساء الأربعاء، بعد “طردهم” بسبب التوترات مع أحد الفصائل المحلية والأهالي. 

وتقع دارة عزة على مفترق طرق في ريف حلب، يمتد بين الأراضي التي تحتلها تركيا في أقصى شمال غرب سوريا وإدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى الجنوب والغرب. 

وأظهرت مقاطع الفيديو المنتشرة على الإنترنت عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي المحلية، ليلة الأربعاء، مقاتلي الهيئة وهم يغادرون المدينة عبر الدراجات النارية والشاحنات الصغيرة. وفي أحد الفيديوهات، يمكن سماع صوت عشرات الأعيرة النارية التي تطلق في الهواء. وفي لقطة أخرى غير واضحة، كان السكان يصرخون بشكل غير واضح، بينما يبتعد المقاتلون تحت جنح الظلام. 

وبحلول يوم الخميس، أصبحت دارة عزة “تحت سيطرة الجبهة الوطنية للتحرير والأهالي، بعد طرد هيئة تحرير الشام”، بحسب ما قاله محمد أديب، المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير، لسوريا على طول.   

والجبهة الوطنية للتحرير هي كتلة معارضة مدعومة من جانب تركيا، تتواجد في شمال غرب سوريا، وهي المنافس الرئيسي لهيئة تحرير الشام. 

وأفادت الأنباء بأن مقاتلي الهيئة يتمركزون الآن حول الضواحي الجنوبية لدارة عزة، حيث قال الأهالي لسوريا على طول، يوم الخميس، إن المجموعة “أغلقت” الطرق. 

وقبل طرد مقاتلي الهيئة، كانت دارة عزة خاضعة لسيطرة قوات معارضة مختلفة- حيث كانت الهيئة وحركة نور الدين زنكي، الفصيل المتحالف مع الجبهة الوطنية للتحرير، في المقام الأول. 

لكن بعد أسابيع من تبادل التهم بين الزنكي والهيئة، عقب موجة من عمليات الخطف والاعتقال المتبادلة، تخلت الهيئة عن حواجزها داخل البلدة.

وبعد الطرد، التقى ممثلو الهيئة والجبهة الوطنية للتحرير ضمن محادثات غير رسمية، يوم الخميس. 

وقال متحدث باسم الهيئة لسوريا على طول إن المجموعة “اختتمت اجتماعا” يوم الخميس رداً على توترات الليلة السابقة، وأن النتائج كانت “إيجابية”، لكنه لم يتحدث عن أي تفاصيل. 

وفي وقت لاحق من بعد ظهر يوم الخميس، قال الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير، لسوريا على طول إن الاجتماع ناقش إمكانية عودة عناصر الهيئة إلى البلدة دون أن يشكلوا وجودا رسميا هناك. 

تاريخ من الدم، واقتتال الفصائل 

لا يعد اقتتال المعارضة في محافظة إدلب، التي تضم العديد من المناطق الريفية، والتي تسيطر عليها مجموعة كبيرة من جماعات المعارضة، أمرا جديدا. 

فقد انشقت حركة نور الدين الزنكي رسميا عن الهيئة وسط اقتتال بين قوات المعارضة في جميع أنحاء إدلب في عام ٢٠١٧. 

ومع ذلك، فإن الخلاف الأخير في دارة عزة، بما في ذلك اعتقال المقاتلين المزعوم من هيئة تحرير الشام وحزب الجبهة الوطنية للتحرير، يظهران توترًا كبيرًا بين تحالفات المعارضة في إدلب في الوقت الذي يستعدون فيه لتنفيذ اتفاقية بوساطة روسية- تركية والتي ينص أحد بنودها على رؤية اندماج الجانبين.   

وقد أنشئت جبهة التحرير الوطنية في وقت سابق من هذا العام بتنسيق ودعم كبير من تركيا. ولكن بدلاً من أن تكون تحالفاً متماسكاً، إلا أن الجبهة تتشكل من مجموعة غير مترابطة تضم حوالي اثني عشر حزباً كل حزب له أيديولوجيات وأولويات متباينة للغاية.

وتقوم الفصائل المعارضة بالتمركز وترسيخ نفسها بعد الاتفاق بين روسيا وتركيا. 

ووفقاً لهذا الاتفاق، فإنه من المتوقع أن تقوم فصائل المعارضة بإزالة جميع الأسلحة الثقيلة من المنطقة العازلة المنزوعة السلاح التي أعلن عنها مؤخرا وتتراوح مساحتها بين 15 و 20 كيلومتراً على طول ضواحي محافظة إدلب، في حين يجب على الجماعات الإسلامية المتشددة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، تسليم سلاحها والانضمام إلى جبهة التحرير الوطنية. 

اقتراب الموعد النهائي للاتفاقية الروسية التركية

على الرغم من أن ائتلاف هيئة تحرير الشام لم يصدر بياناً يشير إلى موقفه من الاتفاقية وتوقعاته حول سحب أسلحته بعد، إلا أن كبار أعضاء الهيئة نشروا إشارات عبر تطبيق تلغراممعربين بوضوح عن استعدادهم للقتال.

وتثير التوترات التي جرت هذا الأسبوع في دارة عزة تساؤلات حول كيفية تعاون هيئة تحرير الشام وجبهة التحرير الوطنية في الأسابيع والأشهر المقبلة مع اقتراب الموعد النهائي، 15 تشرين الثاني، لتنفيذ الاتفاق الروسي التركي.

واتهم أديب، المتحدث باسم جبهة التحرير الوطنية، منافسيه هيئة تحرير الشام بالتخطيط “للتمدد في المنطقة بغض النظر عن أي اتفاق دولي أو أي شكل من أشكال الحلول”. 

وقال أديب “اليوم، كان هناك استنفار لعناصر هيئة تحرير الشام على محيط المدينة، ونحن قمنا بالاستنفار داخل المدينة لحمايتها” ولم تستطع سوريا على طول التحقق من ادعائه بشكل مستقل. 

وأضاف ” بالطبع قبل حادثة يوم أمس كان تواجد هيئة تحرير الشام كأفراد وليس كقوة عسكرية وليس لهم أي سلطة أو تحكم بالمدينة وما حولها، وكانوا عبارة عن عناصر بدون أي قوة”. 

وقال أحد سكان دارة عزة، طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من الانتقام، لسوريا على طول أنه هو وآخرون في دارة عزة “عارضوا” وجود هيئة تحرير الشام في البلدة قبل رحيل المجموعة في وقت متأخر من يوم الأربعاء. 

وأضاف “بصراحة معظم الأهالي تؤيد الجيش الحر”. 

وقال محمد الشيخ، مدني من دارة عزة، لسوريا على طول “أن الناس خرجوا بمظاهرة [ليلة الأربعاء]، رفضاً لوجود مقاتلي هيئة تحرير الشام في دارة عزة”. 

ودعا بيان مشترك نشر من قبل سكان دارة عزة البارزون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء، إلى البقاء “محايدين، دون أي اقتتال داخلي بين الفصائل”، مضيفًا أن العائلات في دارة عزة لن تقبل “التدخل من أي كيان عسكري”. 

وقدرت مصادر مختلفة عدد مقاتلي هيئة تحرير الشام وشركائهم بين 10 آلافإلى20 ألفمقاتلاً منتشرين في مناطق المعارضة، مع الحفاظ على وجود أساسي في حوالي 60 في المئةمن الأراضي الشمالية الغربية الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

شارك هذا المقال