4 دقائق قراءة

حلب: تهافت على المراكز النفسية لتخفيف وطأة الحرب عن الأطفال

في شمال غرب محافظة حلب، يقدم مركز نفسي جديد، الدعم […]


6 يناير 2016

في شمال غرب محافظة حلب، يقدم مركز نفسي جديد، الدعم المباشر لأكثر من 900  طفل من أبناء المحافظة ليتجاوزوا وطأة الحرب والقصف المستمر، والتي تنعكس عليهم على شكل نوبات غضب، ذعر ليلي، وهواجس قلق.

وافتتحت مؤسسة احسان للإغاثة والتنمية مشروع الدعم النفسي للأطفال أبوابه في دارة عزة في تشرين الثاني بتنسيق مع المجلس المحلي في دارة عزة ، وهي منظمة غير حكومية يقع مقرها على بعد مائة كيلومتر في تركيا ، وتدعم مبادرات السوريين في بلدهم لتحسين حياتهم اليومية .

وكانت فكرة المشروع “جديدة” على مجتمع دارة عزة ما سبب “صعوبة” في تقبل الأمهات للمشروع عند بدايته، وفق ما قالت مديرة المشروع، الأخصائية النفسية في عالم الطفل خدوج الحلو، لسوريا على طول، التي أوضحت أن “المتعارف عليه أن أولئك الذين يتلقون معالجة نفسية حتى في وقت الحرب،هم من المكسورين أو المريضين عقلياً”.

وقالت الحلو “هناك فرق جوالة، تابعة للمركز، تقوم بعمل نشاطات في المدارس لنغطي كافة الأطفال، بحضور اختصاصيين ومرشدين نفسيين، للوقوف على استجابة الطلبة للنشاطات المطبقة داخل القاعات، بهدف انتقاء الطلبة الذين يحتاجون لدعم نفسي أكبر ونقلهم إلى المركز لاستكمال الدعم، وهذا ما يحدده الاختصاصيين النفسيين حسب تقييمهم لاستجابات الطلبة”.

وفي الوقت ذاته تقوم الفرق بتنظيم “جلسات توعوية للمعلمين للتعامل مع الأطفال خلال الحروب والأزمات، فالطفل له احتياجات خاصة في حالات الطوارئ، تختلف عن حاجاته في الظروف الطبيعية”، وفق طارق عقاد، الأخصائي النفسي للأطفال والمدرب في المركز.

 حصة المعالجة باللعب. حقوق الصورة لـ نادية الراشد.

وتبنع أهمية المشروع، بحسب الحلو، من حاجة الأطفال لبيئة مناسبة للعب والترفيه وترميم آثار ضغوط الحرب عليهم من خلال أنشطة موجهة.

وتبعد دارة عزة 25 كليومترا جنوب عفرين، و28 كيلومترا شمال غرب مدينة حلب، وتحكمها عدة فصائل إسلامية، بما فيها جبهة النصرة، والتي سيطرت عليها في منتصف حزيران 2012.

وكانت طائرات حربية روسية، وطائرات النظام، قصفت شمال غرب حلب بكثافة مع بدء موسكو حملتها الجوية، في بداية تشرين الأول.

إلى ذلك، أوضح العقاد أن “القصف اليومي خلّف هاجسا من الخوف والقلق لدى الأطفال، أدى إلى حالات استيقاظ متكرر خائفين ومرعوبين أثناء نومهم، بالإضافة إلى حالات تبول لاإرادي عند الأطفال”.

ودفعت الغارات الجوية 350 عائلة لمغادرة قراها إلى دارة عزة، مما أدى إلى تضخم التعداد السكاني في الشهور الأخيرة، من 13500 شخص قبل الحرب إلى نحو 36000 شخص.

وفي بداية تشرين الأول، شنت طائرات حربية روسية هجوماً على دارة عزة، أسفر عن مقتل خمسة مدنيين بينهم طفل، ما أثار حفيظة الأهالي فخرجوا في مظاهرات ضد “إحتلال” روسيا لسوريا.

ومنذ افتتاح المشروع حتى الآن،بلغ عدد الاطفال المستفيدين منه900 طفل من أصل 2590  طفلا تقريبا، ويتضمن المشروع نشاطات دعم نفسي اجتماعي وترفيهي، وأنشطة رفع توعية للمجتمع المحلي وغيرها من النشاطات التي تهدف لإعادة الإحساس بالحياة الطبيعية والاستمرارية.

وفي السياق، قال العقاد “لابد وأن القضايا العائلية التي تتعلق بالمشاكل المالية التي سببها الاقتصاد المستنزف بالحرب أواستشهاد أحد الوالدين كلها تؤثر على ردات فعل الأطفال بشكل سلبي، فتجعل من الطفل عنيف متوتر سريع الغضب، وفي أغلب الأحيان كثرة البكاء والعناد”.

ورغم حداثة المشروع، إلا أن الأهالي وموظقي المركز بدأوا يلمحون نتائج التغيير.

وفي ذلك، قالت إحدى الأمهات، لسوريا على طول، “هذا المركز شجع ابنتي كثيرا ومنحها ثقة أقوى بنفسها، خاصة وأن أطفالنا محرومين من هذه النشاطات في المدرسة بسبب ظروف الحرب وضيق الوقت”.

بدورها، قالت نادية رشيد، أخصائية نفسية ومدربة للأطفال في المركز، لسوريا على طول،” حصدنا نتائج مذهلة في أول شهر تدريبي من هذا المشروع، خاصة وأن الكثير من الأمهات شكرننا على ما قدمناه لما تركه من أثر على نفسيات أطفالهن، وتكوين شخصياتهم وتحسين قدراتهم الذهنية، بالإضافة لتربية أطفالهن وإرشادهم من خلال تمرينات رياضية لإبعادهم عن أجواء الحرب”.

وقالت إحدى الأمهات، التي كانت تنتاب ابنتها نوبات غضب، إن ابنتها “بالفترة الأخيرة أصبحت حالتها النفسية أحسن، وتحسنت تصرفاتها وردّات  فعلها، وانعكس هذا على الوسط الأسري”.

وفي يوم الأحد الماضي استقبل الأطباء والمعالجين النفسيين في المركز 116 طالبا من مدارس دارة عزة، والذين تم تحدديهم في الشهر الماضي على أنهم بحاجة دعم إضافي، وفق ما قالت مديرة المركز.

وأوضحت رشيد أنه “تم توزيع الطلاب على مجموعات، كل 14 طالبا في غرفة حسب احتياجاتهم الخاصة، كما أن هناك غرفة للترفيه لكل الطلبة مجتمعين”.

و”هناك نشاطات حركية وألعاب تعارف حسب الغرفة، فكل غرفة  لها نشاطات وهدف خاص بها حسب حاجة فئة الطلاب المختارة للدعم النفسي، وهذا يحدده أخصائيي النفس معا في المركز”.

و قالت مديرة المركز “يبدو أن الطلاب سعيدين، فهم يمضون أوقاتاً مرحة”. وأضافت أن “112 من هؤلاء الطلبة سيقابلون يومياً مع طاقم المركز، لأجل العلاج النفسي”.

وكانت الأولوية في الاختيار للطلاب الأكثر ضررا (عاهة – إعاقة)، ومن ثم متوسطي الضرر، والأقل ضررا، وتتراوح أعمار الفئة المستهدفة من ست إلى 18 سنة، إلا أن فريق المركز النفسي وجد أن الحرب كان لها التأثير الأشد على الأطفال بالأعمار الصغيرة من 6 إلى 10 سنوات، بشكل أكبر من الأطفال الذين يكبرونهم سنا.

ومؤخراً، وسع الفريق حملته التوعوية إلى مناطق أخرى في حلب تحت سيطرة الثوار، وذلك من خلال عقد الندوات الدراسية في الجامعات بالتعاون مع مجالس محلية معارضة أخرى لنشر الدعم النفسي.

وقالت الحلو “برأيي نجاحنا يكون بزرع البسمة على وجوه أطفالنا وتنمية قدراتهم وصقل مواهبهم للوصول بهم إلى جيل قوي نفسيا وجسديا”.

شارك هذا المقال