5 دقائق قراءة

سيدة بعمر الثامنة عشرة: وصمة العار ستلاحقني كوني أرملة لأحد عناصر التنظيم

كانت إيمان بعمر السادسة عشرة عندما وافقت على الزواج من […]


12 فبراير 2017

كانت إيمان بعمر السادسة عشرة عندما وافقت على الزواج من مقاتل في تنظيم الدولة، يبلغ من العمر 28 عاما، ويعرف باسم أبو موسى التونسي، حيث قدم لوالديها مهرا قدره 3 مليون ليرة سورية  (14 ألف دولار) .

تقول إيمان، لمراسلة سوريا على طول، نورا الحوراني، “نحن عائلة فقيرة، وأعميت عيوننا بالمال والهدايا التي قدمها لنا العريس، وأنا صغيرة السن لم أقدر عواقب الأمور فيما بعد”.

وفي نيسان، 2014، كان مضى ثلاثة أشهر على سيطرة تنظيم الدولة على مدينة منبج، شمال شرق حلب. وعلى مدى عامين ونصف، فرض التنظيم سيطرته على المدينة، وعانى الأهالي من نفاد الوقود والغذاء والدواء.

خلال ذلك الوقت، أنجبت إيمان طفلتها. ولم تعد تسمع أخبارا عن زوجها، الذي كان يهددها معظم الوقت حيث قالت “كان لا يسمح لي بالخروج إلا بإذنه”.

وتقول إيمان، التي تبلغ من العمر 18 عاما الآن، “لم أكن أعرف عنه أي شيء سوى أنه من تونس نسبة إلى لقبه، كان يخفي أي معلومات تتعلق به”.

وتضيف “لم أجد معه أي أوراق ثبوتية أستطيع أن أعرف منها اسمه الحقيقي”.

“عباءة الحبر”، لأسعد فرزات . حقوق نشر الصورة: الذاكرة الإبداعية للثورة السورية.

وفي سوريا، يطلب اسم الزوج لتثبيت الزواج وتسجيل الأولاد رسميا في سجلات الدولة، وهذا يعني أن ابنة إيمان، والتي أصبح عمرها الآن عامين ونصف، لا وجود لها رسميا. وهذه إحدى العواقب الكثيرة لهذا الزواج، حتى بعد مقتل أبو موسى في إحدى المعارك في عام 2016.

ومن إحدى القرى الواقعة شمال حلب، حيث تقيم إيمان مع والدها ووالدتها وشقيقها الأصغر تقول “أعاني كثيراً خصوصاً بوجود ابنة غير معترف بها ولا هوية لها”. وفرت العائلة من مسقط رأسها في صيف عام 2016، أثناء هجوم شنته قوات سوريا الديمقراطية، للسيطرة على منبج، دام ثلاثة أشهر، وانتهى بسيطرة القوات على منبج في آب من العام نفسه.

واليوم، لاتستطيع إيمان السفر بدون جواز سفر لابنتها، كما تعاني من صعوبة الحصول على الرعاية الطبية والمساعدات الإنسانية بسبب عدم وجود أي ثبوتيات للطفلة. وتقول “أعيش حياة بائسة جداً”.

منذ متى تزوجت؟ وكيف تم الأمر؟

تزوجت في نيسان 2014، وحصل ذلك بعد أن تقدم أبو موسى التونسي وطلب من والدي الزواج بي.

وافق أهلي وكذلك أنا على الزواج، سجلنا الزواج عند شرعي للتنظيم مع شاهدين من عناصر التنظيم أيضاً.

هل أجبرك والدك على الزواج؟ وهل تلقيتِ أي تهديد من قبل عناصر التنظيم؟

كلا لم يجبرني على الزواج وتم كل شيء بموافقتي وموافقة أهلي.

نحن من عائلة فقيرة، وأعميت عيوننا بالمال والهدايا التي قدمها لنا العريس، وأنا صغيرة السن لم أقدر عواقب الأمور فيما بعد.

ما هي الأشياء التي قدمها زوجك لك ولأهلك؟ هل أخبرك بأي معلومات عنه؟

عرض علي مهراً قدره 3 مليون وشراء بيت مستقل بالإضافة الى الذهب، كما عرض على والدي منصباً في التنظيم إذا أراد ذلك.

لم أكن أعرف عنه أي شيء سوى أنه من تونس نسبة إلى لقبه، كان يخفي أي معلومات تتعلق به ولا يذكر شيء عن عائلته أو أقربائه، ولم أجد معه أي أوراق ثبوتية أستطيع أن أعرف منها اسمه الحقيقي، رغم كل الفضول الذي كان يدور بداخلي.

في بعض الأحيان كنت أحاول أن أسأله عن اسمه أو حياته قبل أن يأتي إلى سوريا، لكنه كان يصدني بلهجة تهديد “لا تكثري الأسئلة ولا تكرري ذلك، عليك أن تطيعي زوجك.”

السن القانوني للزواج في سوريا هو 18 عاما للرجل والمرأة، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. عندما تزوجت كنتِ بعمر السادسة عشرة، هل يفضل عناصر التنظيم القاصرات؟ وكم استمر زواجك وكيف كانت معاملته لك؟

ليس بالضرورة أن تكون القاصرات هدفاً لعناصر التنظيم، لأنهم كانوا يتزوجون من أعمار مختلفة ولكن اجتماعياً ينتشر لدينا الزواج المبكر، حيث أن الفتاة التي تبلغ الـ25 ولا تتزوج ينظر لها نظرة الشفقة على أنها دخلت سن العنوسة.

منطقتي (في سوريا) ذات طبيعة محافظة جداً، فالمرأة في مجتمعنا هي الزوجة الصالحة التي تطيع الزوج بشكل مطلق والغالبية العظمى من النساء لا تكمل تعليمها أو حتى أنها لا تتعلم أصلا فمن الواجب أن تتزوج قبل العشرين وتربي أطفالها وتعتني ببيتها فقط.

“الرقة المنسية” لمريم سلامة. حقوق نشر الصورة: لمريم سلامة.

استمر زواجي سنة ونصف وأنجبت طفلة من هذا الزواج الآن عمرها سنتان و4 أشهر، وأحد أصدقاء زوجي أخبر والدي بأن زوجي قُتل في إحدى المعارك مع النظام بالقرب من مطار كويرس في 2016.

(حاصرت قوات تنظيم الدولة قاعدة كويرس، الواقعة في ريف حلب الشمالي، في ربيع عام 2014، واستمر الحصار ما يقارب العامين حتى تمكن الجيش العربي السوري من كسر الحصار في تشرين الثاني 2015. وفي كانون الثاني وشباط عام 2016، تقدم الجيش العربي السوري من القاعدة العسكرية باتجاه الغرب، وسيطر على مناطق التنظيم في ريف حلب).

في الواقع كان سيء الأخلاق وشديد اللهجة والمعاملة، كان لا يسمح لي بالخروج إلا بإذنه وهو من يقوم بإيصالي عندما أريد الذهاب لأهلي، تقريباً كان المكان الوحيد الذي أزوره، كما منع التلفاز والموبايل في المنزل، طبعاً ممنوع أيضا التعليم وكان يغيب فترات طويلة عن البيت، كنت أعيش بمكان أشبه بالسجن، لم تكن حياة مشاركة وإنما أعيش لأنفذ الأوامر فقط، ويصرخ ويهدد بالعقاب عند أي خطأ بمنعي من زيارة أهلي لفترات طويلة.

أين انت الآن؟ كيف تعيشين؟ وما هي الصعاب التي تواجهينها نتيجة لزواجك من أبي موسى؟

الآن أعيش في إحدى قرى ريف حلب الشمالي مع عائلتي، أبي وأمي وأخي الصغير.

نزحنا عندما اشتدت المعارك على منبج، أعاني كثيراً خصوصاً بوجود ابنة غير معترف بها ولا هوية لها.

(سيطرت قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، وبدعم من قوات التحالف، على منبج، بعد هجوم استمر ثلاثة أشهر في صيف عام 2016، وقتل 190 مدنيا جراء غارات التحالف، وفقا لما ذكره مصدر Airwars المستقل. كما فر ما يقارب الـ20 ألف شخص من سكان مدينة منبج والمناطق الريفية المحيطة بها، بعد تقدم قوات سوريا الديمقراطية وسط قصف جوي مكثف، وفقا لما أوردته سوريا على طول في ذلك الوقت).

لم أستطع تثبيت زواجي فعقد الزواج من التنظيم، والشهود عليه أشخاص بألقاب وهمية وغير معروفين ولا أعلم إن كانوا أحياء أو أموات.

كذلك الأمر بالنسبة لابنتي الصغيرة، لا يمكنني تسجيلها فلا شيء يثبت أنها ابنتي، عندما تكبر لن أتمكن من إدخالها المدرسة دون أوراق تثبت هويتها.

عندما أذهب إلى المستوصف يطلبون ثبوتيات، وعند توزيع المعونات من المنظمات يطلبون أيضاً ثبوتيات.

أعيش حياة بائسة جداً، لا يمكنني السفر، فلا جوازات ولا هويات، حتى وصمة العار ستلاحقني كوني أرملة أحد عناصر التنظيم وكذلك ابنتي.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال