5 دقائق قراءة

عقود الزواج وشهادات الميلاد الصادرة عن الحكومة المؤقتة تشكل خطراً سياسياً على حامليها

يفتقر السوريون الذين يقيمون في مناطق سيطرة المعارضة إلى إمكانية […]


16 يناير 2018

يفتقر السوريون الذين يقيمون في مناطق سيطرة المعارضة إلى إمكانية الحصول على وثائق مدنية تصدرها الدولة لضمان حقوقهم العائلية وممتلكاتهم، حيث يعرب مسؤولو المنظمات الدولية عن قلقهم من أن يتم اعتبار حمل الوثائق التي توزعها المعارضة بمثابة تصرف سياسي عدائي من وجهة نظر الحكومة السورية.

وتعد حكومة بشار الأسد الكيان الوحيد داخل سوريا الذي يمكنه إصدار وثائق مدنية معترف بها دولياً، كشهادات الميلاد وعقود الزواج وصكوك الملكية وغيرها من الإثباتات المهمة.

ومنذ سنوات، أغلقت مكاتب الشؤون المدنية، التي تديرها الحكومة في المناطق التي استولى عليها الثوار، وليس بمقدور السوريين الذين يعيشون في مناطق المعارضة الوصول إلى المكاتب الحكومية للحصول على وثائق رسمية تثبت حقوقهم القانونية سواء لأطفالهم أو ممتلكاتهم. وبالنسبة للمقيمين في مناطق المعارضة، فإن الرحلة إلى أقرب مكتب للشؤون المدنية الحكومية قد تعني عبور الجبهات الأمامية المشتعلة أو التعرض لخطر الاعتقال من قبل الحكومة.

وتقوم بعض الجهات المعارضة كالحكومة السورية المؤقتة بتشغيل سجلاتها المدنية في المناطق التي تتواجد فيها، لكن ما يصدر عنها من وثائق غير معترف بها دولياً، كما أن مسار الحرب الحالي الذي أصبح واضحاً أنه يميل لصالح الحكومة يثير الشكوك حول فعالية هذه الوثائق على المدى الطويل.

 

إحدى البطاقات العائلية الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة في درعا في تشرين الثاني الماضي. تصوير: أبو أروى الزعبي.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين مايا اميراتونجا، المقيمة في سوريا، لسوريا على طول أن المفوضية العليا للاجئين “تشعر بالقلق” من اعتبار” حيازة الوثائق الصادرة عن سلطات المعارضة وحتى الجماعات المتطرفة” أمراً سلبياً من قبل الحكومة السورية وقد تعرض حامليها للخطر.

وأضافت اميراتونجا “إننا نسلط الضوء على أهمية الحصول على مستندات محايدة لتوثيق حالات الزواج أو ولادة الأطفال وغيرها من الأحداث المهمة بدلا من الوثائق التي قد تعرضهم للخطر والتي يمكن النظر إليها على أنها ذات دلالة سياسية”.

وفي الخريف الماضي، بدأت الحكومة السورية المؤقتة بإصدار بطاقات عائلية تحمل شعارها للسوريين المقيمين في جنوب سوريا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وتعتبر هذه البطاقات أحدث محاولات المعارضة لتقديم وثائق مشابهة لتلك التي تصدرها الحكومة السورية.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، في الأردن، يعمل في مجال التوثيق المدني لسوريا على طول، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن خطر وجود وثائق بديلة للأوراق الصادرة عن الدولة “يفوق الفوائد التي قد تأتي منها”.

وتابع المسؤول “إن الأمم المتحدة تود إيجاد وسيلة للحصول على وثائق وإثباتات”، لكن “بطريقة لا تضر المدنيين”.

وأوضح مسؤولو الأمم المتحدة لسوريا على طول، إن الخيار الأكثر قابلية للتطبيق لتوثيق أحداث الحياة، هو أن يحتفظ المدنيون بمجموعة من الوثائق غير السياسية الصادرة عن جهات فاعلة محلية كالشخصيات الدينية والأطباء والقضاة وقادة المجتمع والتي يمكن استخدامها لاحقا من قبل الحكومة السورية لإصدار الأوراق الرسمية.

“لا يتسبب بأذى”

وتصنف الأمم المتحدة الوثائق المدنية الصادرة في سوريا ضمن ثلاثة أنواع: أوراق رسمية توزعها الحكومة السورية، ووثائق صادرة عن جهات فاعلة غير حكومية، ووثائق محلية – شهادات من أطراف غير سياسية تثبت بأن هذا الأمر قد حدث، وعندما لا يستطيع السوريون الحصول على وثائق حكومية، فإن الأمم المتحدة تنصحهم بالحصول على وثائق محلية.

وتركزت أحد الأمثلة التي قدمها مسؤول في الأمم المتحدة يعمل على قضايا التوثيق المدني حول شهادات الميلاد، يحصل الوالدان اللذان يعيشان خارج مناطق الحكومة على شهادة من طبيب، ويوثقها قاض أو أحد قادة المجتمع المحلي، ثم يحتفظان بها حتى الحصول على وثائق رسمية صادرة عن الحكومة السورية.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مايا أميراتونجا لسوريا على طول “لا نرى أي مشكلة في تقديم الأدلة المحلية دعماً للأحداث”، وقالت إن الوثائق المحلية والأدلة المستخدمة للحصول  على وثائق رسمية لاحقاً “لا تتحدى سلطة الدولة ولا ينبغي اعتبارها عملاً سياسياً”.

كما أوضحت أن المفوضية تتخذ نهجاً “لا يتسبب بالأذى” وهي تحث الحكومة السورية على تجنب اتخاذ إجراءات انتقامية ضد المدنيين، ولكنها تشعر بالقلق أيضا إزاء حيازة السوريين لوثائق يمكن للحكومة أن تعتبرها ذات دلالة سياسية.

بطاقات العائلة

في تشرين الثاني الماضي، أطلقت الحكومة السورية المؤقتة حملة لإصدار بطاقات عائلية للمدنيين في محافظة درعا التي يسيطر عليها الثوار في جنوب سوريا، وبدأ مكتب درعا للشؤون المدنية بتوزيع ٥٠ ألف بطاقة، وفقا لما ذكره مدير المكتب سليمان القرفان.

وقال القرفان لسوريا على طول “كان هناك طلب كبير من السكان على هذه البطاقات العائلية”. والبطاقات هي كتيبات صغيرة بحجم جواز السفر تحمل شعار الحكومة المؤقتة على الغلاف الأمامي، وتضم تفاصيل شخصية عن أفراد الأسرة في الداخل.

وبحسب القرفان، يأتي توزيع الوثائق بعد “ضغوط كبيرة من المواطنين ومنظمات إغاثية محلية”، وأضاف أنه مع البطاقات العائلية، يمكن لسلطات المعارضة في محافظة درعا الاستمرار بتتبع مكونات المجتمع، كما يمكن للمنظمات الإنسانية المحلية تسجيل الأفراد للحصول على المساعدات.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، يتواجد في الأردن، لسوريا على طول، إن الوثائق التي تصدرها الحكومة المؤقتة صالحة في المناطق التي تتواجد فيها. “ولكن إذا عرضت هذه الوثائق خارج مناطقها، فإنها يمكن أن تتسبب بمشاكل كثيرة”. ولم يوضح المسؤول ما يعنيه بذلك.

“حقهم في الحصول على حقوقهم”

في أواخر تشرين الثاني، عقد ممثلون عن المجلس النرويجي للاجئين مع آخرين من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية اجتماعات مباشرة مع المسؤولين السوريين في دمشق، وقادة المعارضة في عمان. ويقول مسؤولو الأمم المتحدة ومسؤولون آخرون إن الهدف هو مناقشة الحلول المحتملة لمسائل التوثيق المدني التي قد توافق عليها الحكومة السورية والمعارضة معا.

وقالت مايا أميراتونجا، التي نظمت اجتماع تشرين الثاني مع ممثلي الحكومة السورية في دمشق الشهر الماضي “إن الحق في الحصول على وثائق مدنية هو حق المدنيين في الحصول على حقوقهم وهناك حاجة إلى اتباع نهج شامل من جانب جميع الجهات الفاعلة”.

وخلال الاجتماع الذي عقد في دمشق، أشار مسؤول عن الشؤون المدنية في وزارة الداخلية السورية إلى أن الحكومة السورية ستتخذ “نهجاً مرناً” لتوثيق أحداث حياة السوريين خارج الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، وفقا لما ذكرته أميراتونجا، طالما أن الوثائق التي يملكونها لا تتحدى سلطة الدولة.

وذكرت أميراتونجا لسوريا على طول، يوم الأربعاء، أنه “يبدو أن [الحكومة السورية] ستنظر في الإثباتات التي يملكونها ثم تصدر الوثائق لهم”.

وبعد يوم من اختتام الاجتماع في دمشق، نظم المجلس النرويجي للاجئين والأمم المتحدة ورشة عمل ثانية في عمان. وحضرها العديد من الجهات الفاعلة في المعارضة من شمال غرب وجنوب سوريا، بما في ذلك الحكومة المؤقتة.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة لسوريا على طول، أنه وبحلول نهاية الاجتماع، وافق زعماء المعارضة على التنظيم والمضي قدماً معاً لحل قضية التوثيق المدني.، وأوصى المنظمون بأن تكون جميع الوثائق الصادرة عن الجهات الفاعلة المحلية في مناطق سوريا التي يسيطر عليها الثوار غير سياسية في طبيعتها وأن تتفق مع القانون السوري.

وحضر مدير مكتب الشؤون المدنية في درعا سليمان القرفان ورشة عمل عمان في تشرين الثاني، ووصفها بأنها “إيجابية”، وقال القرفان “وافقت المنظمات الدولية الحاضرة على تقديم اقتراح لمكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص بأن تعترف الأمم المتحدة بالوثائق الصادرة عن المعارضة”، الأمر الذي نفاه مسؤولو الأمم المتحدة والمسؤولون العاملون على مسألة التوثيق عن كثب.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية اميراتونجا أن مجموعات المعارضة “تواصلت وبمبادرة صادرة عنها مع مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص… وليس صحيحا أن الأمم المتحدة تعمل معهم لتقديم التماس لمكتب مبعوث الأمم المتحدة للاعتراف بهذه الوثائق”.

وقال مسؤول آخر حضر اجتماع عمان لسوريا على طول، إن الجهود الرامية إلى مساعدة المدنيين على توثيق أحداث حياتهم “مستمرة، ولكن الغرض ليس خلق شيء سيعترف به بعد ذلك”.

وأضاف “إنها مسؤولية الحكومة السورية”.

 

إعداد: جستن كلارك

ترجمة: سما محمد

شارك فيه: بهيرة الزرزير، محمد حاج علي، محمد المسالمة، عمر المسالمة

شارك هذا المقال