4 دقائق قراءة

غارة جوية تدمر خانا يعود للعصور الوسطى في حلب القديمة

دمرت غارة جوية روسية، مبنى يعود للعصور الوسطى، ويضم المركز […]


دمرت غارة جوية روسية، مبنى يعود للعصور الوسطى، ويضم المركز الثقافي الوحيد، شرقي حلب، الخاضعة لسيطرة الثوار.

ويقع المبنى في مدينة حلب القديمة، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، ويعود تاريخه إلى فترة ما بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر، وكان في الأصل خانا (نزلا) للتجار المسافرين.

وقام مجموعة من الناشطين من شرق حلب، بتحويل الموقع إلى مركز ثقافي حمل اسم “ورقة”، وذلك بمساعدة منحة صغيرة من إحدى المنظمات الإيطالية، أواخر العام الماضي.

وأقام المركز عروضا للأفلام، ودورات تدريبية مهنية، ودروسا في اللغة والفن. وتحتوي مكتبة المركز على أكثر من 2500 كتاب، جمعت من مكتبات شرق حلب، والتي دمرت خلال السنوات الخمس الماضية.

ولكن المركز، بما فيه من فصول دراسية وقاعات ومكتبة، تحول إلى أنقاض، صبيحة يوم الاثنين.

وقال مدير المركز الثقافي، محمود عبد الرحمن، لمراسلة سوريا على طول آلاء نصار” في اللحظات الأولى كنت فرحا لأنني لم أر أشلاء مع الدمار (…)  وبدأت أفكر كيف انتهى المشروع الذي أسسناه وعملنا عليه لأكثر من سنة، انتهى بكبسة زر، بنزوة طيار سادي”.

وأفاد عبد الرحمن، أن غارة جوية ضربت قبة المركز، و”ألحقت أضرارا بالمبنى الذي لم يعد قابلا للإصلاح”.

خان يعود للعصور الوسطى في مدينة حلب القديمة تحول إلى ركام.

وعندما تم تأسيس مركز ورقة،  كان واحدا من اثنين من المراكز الثقافية في شرق حلب. ولكن في كانون الثاني أجبرت المجموعة السلفية، أحرار الشام، مركز أبجد الثقافي على إغلاق أبوابه، بعد اعتقال مدير المركز.

وأضاف عبد الرحمن أن “المقاتلين في هذه الحرب يريدون حرمان الشعب من التعليم”.

مالذي حدث يوم الاثنين؟

تم استهداف المركز الساعة العاشرة صباحا، يوم الاثنين، إثر غارة روسية بصاروخ فراغي، استهدف قبة المكتبة بشكل مباشر. وهذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها المركز للقصف بشكل مباشر، ومن الواضح جدا أنه مستهدف.

حيث تعرض المركز سابقا لأضرار مادية بسيطة، بسبب القصف الذي كان يطال الأحياء المجاورة له. وتبعا لذلك قررت إدارة المركز إيقاف النشاطات لفترة، حفاظا على سلامة الناس، وكان هذا القرار صعبا جدا، وبعد أن استهدف المركز شكرنا الله على قرارنا بإغلاقه سابقا، لأننا لو لم نوقفه لكنّا رأينا الآن مشاهد أشلاء بشر مع الدمار.

وقمنا بتوثيق الدمار الحاصل في المركز. وكونه مكانا أثريا وثقنا بالصور ما فعله إجرام الأسد به، والآن نقوم بالتواصل مع موقع الأرشيف السوري، لنقوم بتوثيقه بشكل رسمي، وهو موقع توثيق لجرائم النظام بشكل عام، ونحن ليس لدينا أي تواصل مع اليونيسكو، لكننا نملك أرشيفا جيدا موثقا للانتهاكات، اذا استطعنا أن نتواصل معهم.

ومركز ورقة هو المركز الثقافي الوحيد بمدينة حلب، أما بالريف فيوجد مركز في الريف الغربي.

كيف تضررت المكتبة بالغارة الجوية؟

أدى القصف الأخير إلى تدمير كافة محتويات المكتبة، من طاولات وكراسي وخزائن وزجاج، كما أن الكتب جميعها كانت تحت الركام، حتى الألواح التي نستخدمها للكتابة داخل قاعة التدريب، وقد قمنا بجمع ما استطعنا جمعه من الكتب والباقي سيقوم شباب المركز بجمعها بعد إزالة الركام.

وكان لدينا ما يقارب الـ2500 كتاب في مكتبتنا، لكننا لم نتمكن من حصر الضرر الكلي بسبب القصف الشديد.

موظف في مركز ورقة الثقافي يجمع الكتب التالفة، بعد الغارة الجوية يوم الاثنين. تصوير: عبد الرحمن إسماعيل.

حدثنا أكثر عن المبنى نفسه؟

يقع المركز ضمن المنطقة الأثرية المصنفة ضمن مناطق التراث العالمي من الأمم المتحدة، رممناه وجهزناه ليكون مركزا ثقافيا، لأنه من ضمن أهداف المركز إحياء التراث المادي واللامادي للمدينة. ويعود بناؤه إلى الفترة  بين ١٢٠٠-١٤٠٠ ميلادي، وهي الفترة التي اشتهرت ببناء الخانات بمدينة حلب.

ما هي الكتب التي كانت تحويها المكتبة؟

بالنسبة لمحتوى الكتب التي تتضمنها المكتبة داخل المركز، هناك كتب تتحدث عن فترة الصراعات في الشرق الأوسط، مثل الحروب الصليبية كما رآها العرب، لأمين معلوف، وروايات لماركيز وكتب فلسفية ومراجع علمية وكتب تاريخية دينية، بالإضافة لكتب تتحدث عن التاريخ المعاصر لعزمي بشارة وكتب تتحدث عن الثورة السورية، لدينا صفحة للمركز على الفيسبوك، كنا ننشر من خلالها لمحة عن كل كتاب تتضمنه مكتبة المركز.

كما كنا دائما نحاول أن نجلب كتبا يمكن إسقاطها على واقعنا، لنكون صورة عما نمر به بشكل أوضح.

من الذي أنشأ مركز ورقة الثقافي ؟ وما هي مهمة المركز؟

تم افتتاح مركز ورقة بتاريخ 16/12/2015 من قبل بعض الناشطين المستقلين في  حلب، وكان الهدف منه إحياء الحياة الثقافية والتراثية في حلب، وأن نحتضن الجيل الذي كبر في ظل الحرب، والأطفال الذين أصبحوا رجالا فجأة، دون أن نشعر بهم وهم بعيدون عن التعليم في المدارس والجامعات. فكانت فكرة المركز كمحاولة لتعويض جزء من النقص الكبير، ونحن بحاجة إلى الكثير من المراكز المماثلة لتسد النقص.

بدأ الإقبال بالتدريج، في الشهر الأول كان خفيفا، أما مع بداية الشهر الثاني أصبح المركز مكانا لاجتماع كثير من فعاليات النشطاء الثوريين والمدنيين، واستضاف المركز تجهيزات احتفالية عيد الثورة، وعدة اجتماعات ومؤتمرات لجهات مختلفة، منها إسلامية ومنعا منظمات مجتمع مدني واحتفالات نهاية العام الدراسي لبعض المدارس، بالإضافة لنشاطات المركز من حفلات تراثية تضم منشدين وفرق تراثية مولوية، أو رقص عربي ودورات حاسوب تعليمية.

ونحن منذ البداية كلنا لدينا فكر بأنه ما وراء حرب السلاح، ستكون هناك حرب فكرية وثقافية، تهدف إلى خلق جيل جاهل من الشباب السوري، ليكون صيدا سهلا لمروجي الأفكار والآيديولوجيات المتطرفة والغريبة عن المجتمع السوري.

هل يمكن أن تصف لي شعورك عندما دخلت إلى المركز بعد التفجير؟

في اللحظات الأولى كنت فرحا بأنني لم أر أشلاء مع الدمار، لأن المركز كان فارغا، ولكن بعد تدميره ودخولنا إليه أنا وفريق المركز، بدأت أفكر كيف انتهى المشروع الذي أسسناه وعملنا عليه لأكثر من سنة، انتهى بكبسة زر، بنزوة طيار سادي. شعرت بأن فكرة التغيير التي كنا نؤمن بها تبدو صعبة كثيرا، لأن قوة وسرعة التغيير للصاروخ الأسدي أكبر بكثير من قوتنا، فبكل بساطة في حلب كل شيء ينتهي بلحظة.. حياة.. أمل.. أو حلم.

 

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال