5 دقائق قراءة

في الشهر الثالث من هدنة جنوب سوريا: آلاف السوريين يعبرون الحدود عائدين من الأردن إلى درعا

مع دخول الهدنة في درعا شهرها الثالث، عاد الآلاف من […]


17 سبتمبر 2017

مع دخول الهدنة في درعا شهرها الثالث، عاد الآلاف من السوريين اللاجئين في الأردن طوعاً إلى محافظة درعا في جنوب سوريا، خلال الأسابيع الأخيرة، بحسب ما قاله مسؤولون في المعارضة.

إلى ذلك، قال مصدر في مجلس محافظة درعا، التابع للمعارضة، لسوريا على طول، إن أكثر من ١٣٠٠ أسرة (حوالي ٦٥٠٠ شخص) عبروا الحدود إلى محافظة درعا جنوب سوريا عائدين من الأردن منذ أوائل تموز، ويوثق مجلس المحافظة أعداد جميع الوافدين عند عودتهم من الأردن.

وتأتي عودة السوريين إلى درعا في أعقاب دخول اتفاقية وقف إطلاق النار شهرها الثالث، التي تم التوصل إليها من روسيا والولايات المتحدة والأردن، وتغطي محافظات الجنوب السوري، بما في ذلك درعا والقنيطرة والسويداء، حيث دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في ٩ تموز.

وقالت “أولغا سارادو مور”، مندوبة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لسوريا على طول، الأربعاء، أنه خلال الأشهر الستة التي سبقت الاتفاق، من كانون الثاني حتى تموز، عاد ما يزيد عن ١٨٠٠ لاجئ سوري إلى سوريا.

ومنذ بدء وقف إطلاق النار في الجنوب، مطلع تموز الماضي، ساد الهدوء النسبي في مناطق المعارضة بمحافظة درعا، والتي تعرضت للدمار في أعقاب أشهر من المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة، إضافة إلى الغارات الجوية التي كانت تضرب ريفها بشكل مستمر.

يقول ثلاثة من العائدين مؤخراً، لسوريا على طول، إن اللاجئين في الأردن يتحدثون الآن عن الاستقرار الذي حققه وقف إطلاق النار في الوقت الذي يتخلون فيه طوعاً عن لجوئهم ويتجهون شمالاً، للعودة إلى سوريا.

ومن بين العائدين سليم منصور (45 عاماً)، الذي غادر مدينة إربد شمال الأردن، وعاد مع عائلته إلى مدينة درعا الأسبوع الماضي، بعد أربع سنوات من فراره من سوريا.

حيث قال سليم “لا يوجد أجمل من عودة الإنسان لوطنه بعد غربته عنه”.

ويقر سليم بأن اختياره للعودة كان محفوفاً بالمخاطر، ومغادرة الأردن تعني أيضا التخلي عن الحماية كلاجئ.

عائدون يعبرون الحدود إلى جنوب سوريا من الأردن في آب. تصوير: مؤسسة نبأ الإعلامية.

وأوضحت “سارادو مور”، مندوبة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “لن يستطيع اللاجئون العودة إلى الأردن بعد اختيارهم العودة إلى سوريا طوعاً”.

وبينما يستضيف الأردن حالياً ١.٤ مليون سوري، فإن البلاد لم تعد تقبل القادمين الجدد، حيث أغلق الأردن حدوده مع سوريا في عام ٢٠١٦، بسبب المخاوف الأمنية.

وفي حال عاد العنف إلى محافظة درعا، سيجد العائدون خلال وقف إطلاق النار أنفسهم محاصرين.

وقالت نعيمة، ٣٤ عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال من مدينة درعا “بالطبع لدي مخاوف من عودة القصف”.

فرت نعيمة من سوريا في عام ٢٠١٤، وبعد ثلاث سنوات قضتها في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، عادت إلى سوريا في آب، (للاطلاع على مقابلة سوريا على طول الكاملة مع نعيمة، اضغط هنا).

وقالت لسوريا على طول، هذا الأسبوع “تعبنا نفسياً من انتظار الانتصار والعودة”، وأضافت “لم يبق بأيدينا أي حيلة، سوى الدعاء من أجل أن تبقى اتفاقية وقف التصعيد سارية”.

أما سليم فيرى إن العودة إلى الوطن تستحق المخاطر، حتى لو عاد العنف إلى درعا.

حيث قال “الضغوطات النفسية التي كنت أعاني منها كانت كفيلة بأن أموت قهراً”، وتابع “وإذا عاد القصف نكون متنا في بلدنا “.

“لا مستقبل لهم”

بينما يعيش معظم اللاجئين السوريين في المدن والبلدات الأردنية في جميع أنحاء البلاد، يقيم ما لا يقل عن ١٤٠ ألف شخص في مخيمات اللاجئين بما في ذلك الزعتري، حيث عاشت نعيمة لمدة ثلاث سنوات.

وقالت نعيمة “لقد ذقنا المر في تلك المخيمات “، واصفة الحياة اليومية في المخيم الصحراوي، حيث أغلبية السكان، مثلها، من محافظة درعا.

وأضافت ” تقتصر حياتنا في المخيمات على تأمين متطلباتنا اليومية فقط، من تأمين المياه والذهاب لشراء المواد الغذائية، والقيام بأعمال المنزل اليومية (…) وتخلو من أي مذاق سوى الشعور بالغربة”.

وتابعت نعيمة “فأطفالنا أصبحوا يعتقدون أن المخيم هو بلدهم!”.

وكان شحادة الأحمد، البالغ من العمر 41 عاماً، يشعر بالقلق أيضاً إزاء أطفاله الخمسة الذين عاشوا معه في مخيم الأزرق في الصحراء الشرقية الأردنية، قبل أن يعودوا إلى درعا في آب الماضي.

وقال المزارع السابق شحادة “في المخيم أرسل أبنائي إلى المدرسة ولكن لا مستقبل لهم، وأفكر إذا استمر حالنا داخل المخيم ماذا سيكون مصيرهم”.

وبمجرد أن يتخذ اللاجئ قرار مغادرة الأردن، تكون الإجراءات بسيطة نسبياً، وفقاً لما ذكره العائدون الثلاثة لسوريا على طول.

وبعد اتخاذها قرار العودة إلى سوريا، تقول نعيمة إنها “قدمت طلب مغادرة البلاد في مكتب حكومي أردني معين في مخيم الزعتري”.

وقالت “بالنسبة لإجراءات العودة كانت سهلة”، وعندما قبلت الحكومة طلبها، سلمت وثائق الأمم المتحدة وبطاقة اللاجئ الشخصية الممغنطة، وانتظرت المغادرة.

وتغادر الحافلات إلى الحدود السورية من الزعتري عدة مرات كل أسبوع.

وبالرغم من أن قرار المغادرة النهائي هو رسمياً بيد كل لاجئ، فإن “أولئك الذين يعبرون عن رغبتهم بالعودة يتلقون المشورة من المفوضية في الأردن لمساعدتهم باتخاذ قرارات سليمة”، وفقاً لسرادو مور، مندوبة المفوضية.

حيث قالت “إن المفوضية لا تشجع أو تسهل أو تعزز قرار العودة إلى المناطق غير الآمنة بشكل دائم”.

وأضافت إن “شروط العودة بسلامة وكرامة ليست موجودة” في سوريا.

وبينما عاد الآلاف إلى سوريا طوعاً في الأسابيع الأخيرة، أعادت السلطات الأردنية آخرين قسراً إلى سوريا، بحسب ما ذكرته هيومن رايتس ووتش في عام ٢٠١٤.

وتشكل عمليات الترحيل هذه انتهاكاً للقانون الدولي الذي يحظر الإعادة القسرية للاجئين إلى بلد يتعرضون فيه لخطر الإصابة أو الاضطهاد.

“كنت أبكي على الدمار الذي لحق ببلدتي”

يواجه العديد من العائدين إلى درعا تحديات جديدة تطرحها الحياة في مدينة مزقتها سنوات الحرب والصراع،

ففي درعا استهدفت مئات الغارات الجوية التي شنها النظام وروسيا إلى جانب قذائف المدفعية من كلا الجانبين منازل المدنيين والمحال التجارية، وقال أحد السكان لسوريا على طول، في تموز، إن بعض الأحياء “دمرت بنسبة حوالي ٩٠٪”.

كما أن الريف لم ينج من القصف أيضاً.

وقال شحادة، الذي عاد إلى بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي “كنت أبكي على الدمار الذي لحق ببلدتي”.

وأفادت التقارير بأن بعض العائدين الجدد وجدوا نازحين في منازلهم، كثيرون منهم قادمون من مناطق أخرى في درعا خاضعة لسيطرة النظام.

وفي الوقت نفسه، يعاني اقتصاد الريف، الذي كان يعتمد على الزراعة سابقاً، من الفوضى في ظل سيطرة النظام الكاملة على ثلث محافظة درعا، مما يمنع الوقود المهرب وغيره من السلع من الوصول إلى المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة.

وتقول نعيمة إن التحديات التي تواجهها في درعا هي امتداد لما واجهته في الأردن منذ عام ٢٠١٤.

وختمت نعيمة قائلة “سأعاني من تأمين متطلبات أبنائي كما كان وضعي داخل الأردن”.

 

هذا التقرير هو جزء من تغطية سوريا على طول عن وضع المنطقة الجنوبية التي ستستمر لشهر بالتعاون مع منظمة كونراد أديناور وفريق من مجموعة مراسلين على أرض سوريا.

لقراءة تقريرنا التمهيدي عن المنطقة الجنوبية لسوريا هنا.

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال