4 دقائق قراءة

“في مراكز حدودية”… آلاف الطلبه يتقدمون لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية في شمال غرب سوريا

عمان- انطلق أكرم سعيد إلى مركز امتحاني بالقرب من مكان نزوحه في ريف إدلب الشمالي، اليوم الأحد، لتقديم أول امتحانات الثانوية العامة، بعد ظروف أمنية ومعيشية صعبة، أدت إلى موجة نزوح كبيرة وتأجيل الامتحانات لعدّة أيام.


23 يونيو 2019

عمان- انطلق أكرم سعيد إلى مركز امتحاني بالقرب من مكان نزوحه في ريف إدلب الشمالي، اليوم الأحد، لتقديم أول امتحانات الثانوية العامة، بعد ظروف أمنية ومعيشية صعبة، أدت إلى موجة نزوح كبيرة وتأجيل الامتحانات لعدّة أيام.

نزح سعيد، 19 عاماً، مع عائلته من مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي، إلى الشريط الحدودي مع تركيا بريف إدلب الشمالي، مطلع الشهر الحالي، نتيجة القصف، ويقول لـ”سوريا على طول”: “في الضيعة ما كنت أقدر أمسك الكتاب من شدة القصف والتوتر”.

حالياً، يتقدم نحو 25 ألف طالب وطالبة للامتحانات في 195 مركز امتحاني مخصصة لطلبة الشهادتين الإعدادية والثانوية العامة، في شمالي غرب سوريا، جميعها في المناطق الحدودية الآمنة حرصاً على سلامة الطلبة، بحسب ما ذكرت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب على قناتها الرسمية على تطبيق “تلغرام”.

ويبلغ عدد طلبة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي، 9049 طالباً وطالبة، فيما يبلغ عدد طلبة التعليم الأساسي 16628 طالباً وطالبة، “بينهم 7000 طالب وطالبة يتقدمون للامتحانات في مراكز بأماكن نزوحهم أو مراكز بديلة”، بحسب ما ذكر لـ”سوريا على طول” مصدر من مديرية التربية والتعليم في إدلب، طالباً عدم الكشف عن اسمه كونه غير مخول بالحديث للإعلام.

وكان من المقرر إجراء الامتحانات في التاسع من حزيران/ يونيو الحالي، لكن تم تأجيلها إلى يوم الأحد، الموافق 23 حزيران/ يونيو، نتيجة التصعيد العسكري للقوات الحكومية على ريفي إدلب وحماة، واستهداف المراكز الحيوية بما فيها المدارس.

وكان أحد الطلبة كتب معلقاً على خبر استهداف مدرسة في بلدة كنصفرة بريف إدلب الجنوبي، نشرته مديرية التربية والتعليم في إدلب: “نطالب بتأجيل الامتحانات.. أنا أعلم أنه لن يرى أحد هذا التعليق، لكن إذا مررتم به أرجو أن تقدروا مصائبنا”.

وأفاد جمال الشحود، نائب رئيس حكومة الإنقاذ، ووزير التربية السابق فيها، في حديثه لـ”سوريا على طول”: “تم تأجيل الامتحانات حفاظاً على أرواح الطلبة من جهة، ومن أجل إتمام نقل 4 مجمعات تربوية من المناطق التي تم تهجير سكانها في هذه الحملة إلى أماكن جديدة من جهة أخرى”.

ونظراً لنزوح آلاف المدنيين، بمن فيهم الطلبة، في شمال غرب سوريا، خصّصت مديرية التربية والتعليم في إدلب رابطاً إلكترونياً لطلبة الشهادتين الإعدادية والثانوية النازحين عن مناطقهم الأصلية، لتحديث بياناتهم من أجل إلحاقهم بمراكز امتحانية قريبة من مكان إقامتهم الجديد.

لكن حالة عدم الاستقرار التي يعيشها الطلبة، وإمكانية عدم قدرتهم على الوصول إلى شبكة الإنترنت للتسجيل على الرابط، دفع المديرية إلى التعهد “باستقبال الطلاب النازحين بأي مركز قريب على أماكن نزوحهم، إذا تعذّر عليهم تسجيل بياناتهم على الرابط الإلكتروني مسبقاً”، بحسب ما قال الشحود لـ”سوريا على طول”.

وتم إلغاء عشرات المراكز الامتحانية في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، لا سيما في المناطق التي تعرضت لقصف يومي خلال الحملة العسكرية الأخيرة.

وقال براء الإدلبي، وهو مدرس لمادة اللغة العربية في إحدى المدارس التابعة لمديرية التربية والتعليم في ريف إدلب الجنوبي، لـ”سوريا على طول”: “المناطق التي تعرضت لقصف يومي كجبل شحشبو ومعرة حرمة تم إلغاء المراكز الامتحانية فيها نهائياً، أما بشأن بعض المناطق الأخرى فقد تم إنشاء مراكز امتحانية في ملاجئ تحت الأرض”.

وذكرت مديرية التربية والتعليم في إدلب، عبر قناتها الرسمية على “تلغرام” بأن الحملة العسكرية الأخيرة على محافظة إدلب أدت إلى تدمير 62 مدرسة، وقتل 21 معلماَ، ونزوح 150 ألف طالب، فضلاً عن مقتل ما لا يقل عن 277 طالب وطالبة. ولم يتسنّ لـ”سوريا على طول” التأكد من الإحصائية من مصادر مستقلة.

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وثّقت استهداف قوات الحكومة السورية وروسيا لما لا يقل عن 24 مدرسة في محافظتي إدلب وحماة، في أقل من أسبوعين على بداية الحملة العسكرية أواخر نيسان الماضي.

وأنكر الإعلام الرسمي السوري مراراً قصف المدنيين في إدلب، مشيراً إلى أن عمليات القوات الحكومية العسكرية في إدلب تستهدف نقاطاً عسكرية معارضة، وتوقع قتلى في صفوفهم.

لكن الأمم المتحدة حذّرت، على لسان روز ماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، في الجلسة التي تناول فيها مجلس الأمن الأوضاع شمالي غرب سوريا، الثلاثاء، من “كارثة إنسانية في إدلب” و”دُفع مئات الآلاف إلى الحدود مع تركيا”.

ظروف نفسية صعبة

صرّحت الإدارة التعليمية في إدلب، في وقت سابق، بأن “الطلاب سيقدمون امتحاناتهم حتى وإن أنشأنا مراكز امتحانية تحت أشجار الزيتون”. ومع بدء امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية تتجاوز مديرية التربية والتعليم في إدلب التحدي الذي قطعته على نفسها.

لكن بالنسبة للطلبة فإن التحدي الذي يواجههم اليوم ليس عملية تنظيم الامتحان فحسب، إذ قد تكون الظروف المعيشية المحيطة أكثر قهراً.

قال المدرس براء الإدلبي لـ”سوريا على طول”: “أعتقد أن أكبر الصعوبات التي تواجه الطلاب هو عدم توفر الجو المناسب للدراسة، خاصة أن القصف مستمر منذ أكثر من شهر على المنطقة، مما يحول دون قدرة الطالب على الدراسة”.

وأضاف الإدلبي: “النازحون ليسوا أفضل حالاً، فبعض الطلاب نزحوا إلى مساكن مزدحمة بالسكان، وبعضهم اتخذ من الأراضي الزراعية مسكناً لهم لعدم قدرة آبائهم على استئجار منازل في أماكن نزوحهم”.

وتعرضت مناطق متفرقة من ريف إدلب الجنوبي والغربي، اليوم الأحد، لقصف جوي ومدفعي، بحسب ما ذكر الدفاع المدني السوري، أو ما يعرف بـ”الخوذ البيضاء” عبر معرّفاته الرسمية.

وقال الطالب منار الحسن، النازح من ريف إدلب الجنوبي، لـ”سوريا على طول”: “كنت أتمنى ألا يتم تأجيل  الامتحان ولو لدقيقة واحدة، لأن الوضع من سيء إلى أسوأ، والنظام له أسبقيات باستهداف المدارس والمراكز الامتحانية”.

وختم قوله: “لا حلول بديلة، أنا وآلاف الطلاب مجبرون على التأقلم مع ظروفنا والتحضير للامتحانات رغم القصف المستمر”.

شارك هذا المقال