9 دقائق قراءة

تداعيات الأزمة الاقتصادية اللبنانية مستمرة على الأطفال السوريين

الأطفال السوريون من الفئات الأشد تضرراً من تعثر نظام التعليم الحكومي في لبنان جراء الأزمة الاقتصادية وانخفاض التمويل.


30 أكتوبر 2023

بيروت- في يوم من أيام تشرين الأول/ أكتوبر، كان الأطفال، في مركز تعليمي بحي الحمرا في بيروت، يرددون أسماء الحيوانات المرسومة على ملصقات جدارية وهم يشيرون إليها: زرافة، فيل، أخطبوط، بينما يجلس بعض الأطفال الأكبر سناً مع المتطوعين لحل التمارين في كتب الأنشطة الإنجليزية، ويتدرب آخرون على حل مسائل رياضية.

يقدم مركز “26 حرفاً”، الذي تأسس عام 2015، التعليم البديل لـ131 طالباً سورياً في العاصمة اللبنانية. “هذا المكان الذي شعرت فيه بالترحاب والأمان”، قال لـ”سوريا على طول”، عيسى مصطفى، 19 عاماً، مدير المركز، الذي دخله طالباً، عند خروجه من سوريا في عام  2016.

لم يتمكن عيسى من تقديم الامتحان الذي يخوله الانتقال إلى المرحلة الثانوية، كونه لا يملك إقامة قانونية حاله حال الغالبية العظمى من السوريين الموجودين في لبنان. وكان مركز “26 حرفاً”، مشروع تطوعي صغير غير ربحي، الخيار الوحيد المتاح له.

كما هو حال عيسى، غادر مئات آلاف الأطفال  والشباب من سوريا إلى لبنان المجاورة منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عقد. ​​ يستضيف لبنان العدد الأكبر من اللاجئين في العالم بالنسبة إلى تعداده السكاني، وهو البلد الذي يعاني من إحدى الأزمات الاقتصادية الأشد وطأة في العالم، التي تُعزى إلى سوء الإدارة المالية وفساد النخبة الحاكمة.  

بعد مرور أربع سنوات على الأزمة، أفلست خزينة الدولة، ما جعل النظام التعليمي العام للبلاد في حال يرثى له. أطفال اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان، الذي يقدر عددهم نحو 660 ألف هم من الفئات الأشد تضرراً، إذ عندما ينخفض تمويل المدارس والمعلمين، تقطع الخدمات المقدمة للسوريين بالدرجة الأولى.

هذا العام في لبنان ، تم تأجيل موعد بدء العام الدراسي للطلبة السوريين لعدة أسابيع. التحق معظم الطلبة اللبنانيين بمدارسهم في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر، بينما تأخر موعد الطلبة السوريين إلى 30 من الشهر ذاته، وغالبيتهم يداومون في الفترة المسائية بالمدارس الحكومية.

هناك ما يزيد عن أربعة آلاف طفل على قائمة الانتظار في “26 حرفاً”، معظمهم سوريين، بالإضافة إلى عدد من الأطفال اللبنانيين وأطفال من جنسيات أخرى، كما قالت مؤسسة المركز جانيرا تايبو لـ”سوريا على طول”.  

يواجه الأطفال السوريون صعوبات جمة للتسجيل في المدارس الحكومية اللبنانية. أكثر من نصف الأطفال السوريين، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 18 ليسوا في المدارس، والعديد منهم لم تطأ أقدامهم المدرسة يوماً، كما قال عاطف رفيق، رئيس قسم التعليم في اليونيسيف بلبنان لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أن  أكثر من  99% من الطلبة غير اللبنانيين، معظمهم سوريين، غير مسجلين في المدارس الثانوية التي تلي الصف التاسع.

تدعم اليونيسف التعليم العام في لبنان حتى الصف التاسع، أي السنوات الإلزامية، ولكن بعد ذلك “هناك جرفٌ شاهق أمام الأشخاص الأكثر تهميشاً”، قلة فقط من الطلبة غير اللبنانيين تسنح لهم الفرصة بمتابعة التعليم بعد ذلك، بحسب رفيق، قائلاً: “هذا وضع مدمر للأطفال وفرصهم في الحياة”.

A volunteer teacher instructs a student at 26 Letters, a learning center in Beirut’s Hamra neighborhood, 04/10/2023 (Hanna Davis/Syria Direct)معلمة متطوعة تعطي درساً لطالب في مركز "26 حرفاً" التعليمي بحي الحمرا في بيروت، 04/ 10/ 2023 (هانا ديفيس/ سوريا على طول)

معلمة متطوعة تعطي درساً لطالب في مركز “26 حرفاً” التعليمي بحي الحمرا في بيروت، 04/ 10/ 2023 (هانا ديفيس/ سوريا على طول)

في العمل، خارج المدرسة

في صبرا، أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت، التي يقطنها العديد من السوريين باعتبارها خياراً سكنياً ممكناً ضمن قدراتهم، يعيش محمود العلي، 46 عاماً، في منزل مكون من غرفة واحدة، رفقة زوجته وأطفاله الأربعة: كوثر، 14 عاماً، فاطمة 16 عاماً، وسيدرا 18 عاماً، وشقيقهم صاحب العامين.

في عام 2012، غادرت عائلة العلي محافظة إدلب، في شمال غرب سوريا، الواقعة تحت سيطرة المعارضة. وبعد مرور  أكثر من عقد، ما تزال المنطقة التي ينحدرون منها عرضة للهجوم والقصف  باستمرار، ما يجعلها غير آمنة للعودة، رغم أن الحياة في لبنان مريرة أيضاً.

“تعرضنا لجميع أنواع العنصرية بكل أشكالها، نعاني الكثير فقط لأننا سوريين” قال محمود لـ”سوريا على طول”، متسائلاً: “لماذا؟ ألسنا بشر! نحن أناس طيبون”. 

ابنتا محمود الأكبر سناً فاطمة وسيدرا تركتا المدرسة في سن 12 و15 على التوالي، لأنهما لا تمتلكان أوراق إقامة قانونية، ناهيك عن أن تكاليف المواد المدرسية يشكل عبئاً آخر. تبلغ نسبة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في فقر مدقع 90% بالمقارنة مع 36% من المواطنين اللبنانيين.

مع أن الفتاتين مسجلتين في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلا أنَّ إقامتهما انتهت صلاحيتها ويتطلب تجديدها الحصول على الهوية الشخصية أو إخراج قيد مدني من سوريا، وهذا يتطلب العودة إلى البلاد وهو خيار غير ممكن بالنسبة لمحمود، كما قال.

“يواجه السوريون صعوبات متزايدة لتجديد أوراق إقامتهم”، كما قال لـ”سوريا على طول”، رمزي قيس، باحث في منظمة هيومن رايتس ووتش في لبنان. بالمحصلة، 83% من السوريين في لبنان لا يملكون إقامات قانونية. 

ولكن، حتى السوريين الذين يملكون وثائق تعريفية سارية المفعول قد يواجهون صعوبة في تأمين رسوم التجديد السنوية. منذ عام 2015، منعت لبنان اللاجئين السوريين من التسجيل بالمفوضية. ما يعني أن وضعهم القانوني لا يحميهم من الترحيل، وللحصول على إقامة قانونية خارج نطاق المفوضية، يلزم وجود كفيل لبناني -بموافقة السلطات- بالإضافة إلى رسوم التجديد المرتفعة، وفقاً لتقرير معهد بروكينغز لعام 2021.

عوضاً عن المدرسة، تعمل سيدرا وفاطمة الآن في متجر  للملابس لمدة 12 ساعة يومياً، وعلى مدار الأسبوع من دون عطلة، مقابل 25 دولاراً أسبوعياً. أي بواقع 20  سنتاً للساعة، ويخشى محمود أنَّ تضطر ابنته الصغرى كوثر إلى ترك المدرسة أيضاً يوماً ما. 

“الوضع صعب جداً؛ نريد أن نغادر. أريد أن يكمل أطفالي دراستهم، أن يذهبوا للمدارس، أن يحققوا أحلامهم… من فضلكم أخرجونا من هنا”، قال محمود متنهداً.  

“تدابير قسرية”

على مدى الشهور الماضية، كان هناك “تكثيف ملحوظ” للقرارات الحكومية، والبروتوكولات الأمنية والأجهزة الإعلامية الاستفزازية ضد للاجئين السوريين في لبنان، وكذلك الإجراءات الرسمية المفروضة، مثل التسجيل في المدارس بالنسبة للاجئين السوريين، وهو ما زاد من صعوبة الحياة.

“دونما شك هناك ارتفاع بالخطاب المناهض للاجئين الذي يروج له المسؤولون اللبنانيون”، بحسب قيس، الباحث في هيومن رايتس ووتش.

تسببت الحملات الإعلامية التي ينظمها سياسيون لبنانيون وتحمِّل اللاجئين السوريين مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحالية بتصعيد التوتر الشعبي، وتجسدت في أعمال العنف المتزايده ضد اللاجئين السوريين عموماً، بحسب مركز وصول لحقوق الإنسان.

في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر، أصدر وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بسام مولوي، سلسلة من المذكرات الموجهة إلى قوى الأمن الداخلي ومحافظة بيروت، داعياً إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد اللاجئين السوريين في بلاده.

وأوعز مولوي إلى قوات الأمن إيقاف “الدراجات النارية أو الدراجات البخارية، التي يقودها سوريون لا يملكون تصاريح إقامة”، وفرض حظراً على التبرعات المتعلقة بالسوريين المهجَّرين، التي قد “تسوغ بقاءهم في لبنان”، ومكافحة التسول في الشوارع، كما ذكرت صحيفة الشرق اليوم (لوريان توداي)، صحيفة لبنانية يومية ناطقة بالإنجليزية.

وقبل يوم واحد من إصدار التوجيهات، أعلن الوزير اللبناني أننا “لن نسمح بالوجود السوري العشوائي”، مضيفا أن الحكومة تعمل على “الوقوف  بوجه الأضرار الهائلة التي تلحق بلبنان واللبنانيين والديمغرافيا اللبنانية جراء الانفلات والتصرفات غير المقبولة بسبب النزوح السوري”.

منذ بداية العام، نفذ الجيش اللبناني حملات اعتقال وترحيل غير مسبوقة بحق السوريين، أُعيِد خلالها مئات الأشخاص، بما في ذلك بعض اللاجئين المُسَجلين، رغم مخاطر الاضطهاد التي قد يواجهونها.

“تواصل السلطات جعل السكان المستضعفين كبش الفداء لتتجنب بذلك مسؤوليتها عن الأزمة الاقتصادية الحادة بدلاً من اتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة البلاد إلى مسار التعافي”، بحسب قيس. 

في أيلول/ سبتمبر، دعا المولوي البلديات في جميع أنحاء لبنان إلى إجراء “مسح فوري للنازحين السوريين” وإزالة جميع “التعديات والمخالفات كافة”، مثنياً على البلديات التي تفوقت بالقمع، بحسب ما ذكرت قناة الحرة.

في نهاية أيلول/ سبتمبر، نشر معن خليل، رئيس بلدية الغبيري في محافظة جبل لبنان جنوب بيروت، على منصة X (تويتر سابقاً) عن إقفال سوق يضم أكثر من 50 محلاً تجارياً ومطعماً “معظمها مؤجرة لأجانب، أو يعمل فيه عمال أجانب خلافا للقانون”. وبعد عدة أيام نشر خليل عن ضبط 86 دراجة نارية وتوك توك وشاحنة ضمن إجراءات منع الأجانب من قيادة الآليات “دون تسجيل” .

كما أصدرت بلدية الغبيري بياناً موجهاً لمديري المدارس في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر، طلبت فيه أسماء جميع الطلبة الأجانب المسجلين، مشددة على عدم قبول المدارس الحكومية لأي طالب لا يحمل إقامة قانونية، وخلاف ذلك تكون المدرسة المخالفة مهددة بالإغلاق.

نظرياً، يمكن للطلبة السوريين التسجيل في المدارس الحكومية حتى الصف التاسع من دون إقامة قانونية، ولكن التطبيق مختلف من ناحية عملية. بعض المدارس تطلب تصاريح إقامة سارية المفعول، بينما تطلب مدارس أخرى أنواعا مختلفة من الوثائق، مثل شهادات الميلاد، بحسب رفيق من اليونيسف..

واستغرب وزير التربية اللبناني، عباس الحلبي، في بيان نشر في أيلول/ سبتمبر، “اتهام وزارة التربية بالعنصرية واللا إنسانية”، مشيراً إلى أنه يرفع مشروع مرسوم إلى مجلس الوزراء مع موسم التسجيل، في كل عام دراسي، يطلب فيه السماح للطلبة النازحين وغير اللبنانيين بالتسجيل.

Muhammad al-Hassan, 21, stands outside his home in Beirut’s Sabra refugee camp, 04/10/2023 (Hanna Davis/Syria Direct)محمود الحسن، 21  عاماً، في مخيم صبرا للاجئين بلبنان 04/ 10/ 2023 (هانا ديفيس/ سوريا على طول)

محمود الحسن، 21  عاماً، في مخيم صبرا للاجئين بلبنان 04/ 10/ 2023 (هانا ديفيس/ سوريا على طول)

التسرب من المدارس

ليس بعيداً عن منزل محمود في مخيم صبرا، يعيش محمد الحسن مع والدته وشقيقتيه الأصغر منه. غادرت عائلته محافظة إدلب بعد اندلاع الثورة السورية في ربيع 2011، وبعد سنة من خروجها، قُتلت خالة محمود مع رضيعها في الاشتباكات، وهو ما جعل والدة محمود تتوجس من فكرة العودة.

عندما كان محمد في 16 من عمره، ترك المدرسة قاصداً سوق العمل لإعالة عائلته، ولكن “ما زال لدي شغف بالدراسة”، كما قال لـ”سوريا على طول”.

قرر محمد استئناف تعليمه هذا العام، ولكن نظام التسجيل في المدارس الحكومية لا يخوله دخولها ثانية، بسبب انقطاعه عن المدرسة لمدة تزيد عن عامين، وهو عائق آخر يحول دون التحاق آلاف السوريين في المدارس الحكومية. 

لهذا، لا خيار أمام محمد إلا المدارس الخاصة، التي تبلغ رسوم التسجيل فيها مئات الدولارات في الفصل الواحد. ولتأمين هذه التكاليف، عثر محمد على عمل جديد في  “سبنيس”، سلسلة متاجر راقية في الأشرفية، من المناطق المترفة في بيروت في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر.

ولكن سرعان ما اضطر إلى إيقاف عمله مفضلاً ألا يبتعد عن مكان سكنه، خشية توقيفه في الحملة التي تشنها السلطات اللبنانية ضد السوريين، لأن صلاحية تصريح إقامته انتهت في 12 تشرين الأول/ أكتوبر. 

وتجسدت مخاوفه في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كان يقود دراجته البخارية عبر نقطة تفتيش. تم إيقافه لمدة 24 ساعة، وتهديده بالترحيل، ولم يسمح له بالتواصل مع عائلته وإعلامهم عن مكانه، كما حُجزت دراجته، لكن استطاع استعادتها عن طريق محامي.

“عندما أرى حاجز، يقع قلبي. إن لم يحتجزوني، سيأخذوا دراجتي” قال محمد، موضحاً أن عدداً من أصدقائه تعرضوا لتجارب مشابهة، وبعضهم تعرض للاعتقال والضرب.

لم يعد محمد إلى عمله لتجنب أي احتكاك مع السلطات. أقرضه صديق له مالاً ليسدد قسط المدرسة الأول، ولكنه يخشى أن يُجبر على إيقاف تعليمه بحلول موعد القسط الثاني، في حال لم يتمكن من تأمينه، قائلاً: “أنا خائف جداً جداً”.

العنف المدرسي

لم ينحصر العنف الموجه ضد اللاجئين السوريين في شوارع لبنان، وإنما وجد طريقه إلى الصفوف الدراسية أيضاً، بحسب ما أشار بعض السوريين. 

في العام الماضي، تطوعت والدة محمد للعمل في الصفوف المسائية بإحدى المدارس الحكومية في بيروت، وكانت شاهدة على ارتكاب معلمين عقوبات مؤذية بحق الطلبة، ودفعها “الضغط النفسي” الذي عانته إلى ترك هذا العمل، قائلة: “الوضع سيء حقيقةً. هم لا يُعلِّمون، إنهم عنصريون جداً ويهددون الأطفال”.

وأكد رفيق من اليونيسيف  أنَّ “العنف مشكلة مستشرية في النظام المدرسي” في  لبنان، غير أنه لم يميز بين المعاملة التي يتلقاها الطلبة السوريين واللبنانيين، موضحاً أنها “مسألة هامة، وتؤثر على حجم الإقبال على التعليم العام واستمرارية تعليم هؤلاء الأطفال”.

قالت كوثر، الابنة الصغرى لمحمود، التي تداوم في الفترة المسائية بمدرسة حكومية أنَّ المعلمين غالباً غاضبون ويوبخونها باستمرار، وضربت مثالاً على ذلك: “إن طلبت من المعلمة إعادة الدرس، تغضب وتسألني لماذا لم أكن منتبهة. ضربتني بالمسطرة على يدي”، وزعمت أن دوافع هذه المعاملة “لأننا سوريين”.

تقدم اليونيسيف الدعم النفسي للطلبة، وتسعى إلى تنفيذ برامج تدريب عالية الجودة للمعلمين، بحسب رفيق، غير أنَّ “خطة الجودة تصبح أصعب عندما يكون لديك قوى عاملة بلا حافز ولا تستطيع أن تغطي نفقاتها”.

خلال الأزمة، انخفضت رواتب المعلمين إلى مبلغ زهيد، قدره 90 دولاراً شهرياً، وهو بالكاد يكفي لتغطية المواصلات في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة. كما أفضت الإضرابات المتكررة التي ينظمها المعلمون رداً على ذلك إلى إغلاق المدارس لفترات مطولة. 

في السنوات الأخيرة، قدمت اليونيسف والمجتمع الدولي مليارات الدولارات لإبقاء هذه المدارس مفتوحة في لبنان، وساهمت بنحو 140 دولار لكل طالب سوري، و18.75 لكل طالب لبناني، وفق تقرير هيومن رايتس ووتش. ومع ذلك، فهذا التمويل يوشك على النفاد.

كما أن منحة البنك الدولي والمملكة المتحدة، البالغة 200 مليون دولار، التي كانت تغطي المدارس السابقة استُنفِدت الآن، بحسب ما أشار التقرير.

أشار رفيق إلى أن “التمويل الدولي في تضاؤل ومن ضمنه المخصص للتعليم”، مستأنفاً “لا شك أنَّ الدعم الدولي مهم، ولكن بصراحة، الأمر يتعلق أيضاً بمساهمة الحكومة بحصتها العادلة وبطريقة فعالة. لا بدَّ أن يتخذ لبنان خيارات بشأن الاستثمار في نظام المدارس العامة”. 

الأحلام

يحلم  الكثير من الأطفال بمغادرة لبنان. تحلم كوثر في مخيم صبرا أن تصبح طبيبة جراحة، وهي الآن تلازم طبيباً في عيادة مجاورة طيلة النهار، ولستة أيامٍ في الأسبوع، ريثما يبدأ موعد الدراسة. 

“هي ذكية جداً”، قال والدها. “تقول لي: بابا، أريد أن أصبح طبيبة جراحة. ولكن في وضعنا الذي نعيشه كيف ستحقق ذلك؟”

“أنا فعلاً أود متابعة دراستي وإكمالها”، قالت كوثر، مستدركة: “ولكن هذا غير ممكن في لبنان. هناك الكثير من العنصرية والتعليم ليس جيداً”.

غير أنَّ عيسى، المدير الشاب لمركز “26 حرفاً”، عثر في لبنان على المجتمع الذي يشعره بالأمان. في حين أن بقية عائلته اتخذت قرار العودة إلى سوريا رغم ما تحمله من مخاطر. “يقول والدي من الأفضل أن نعيش في مكان خطر على أن نعيش هنا بوجود هذه العنصرية”.

“سأبقى هنا [في لبنان] من أجل مركز 26 حرفاً”.

تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية فاطمة عاشور

شارك هذا المقال