4 دقائق قراءة

مصابون بالشلل يعانون “عجزاً نفسياً وجسدياً” بعد قصف مركز التأهيل الوحيد في الغوطة الشرقية

عندما استهدفت غارة جوية، مركز التأهيل الجسدي الوحيد لإصابات الحبل […]


9 أكتوبر 2017

عندما استهدفت غارة جوية، مركز التأهيل الجسدي الوحيد لإصابات الحبل الشوكي، في ضواحي الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف دمشق، الأسبوع الماضي، لم يكن أمام أبو زيد، وهو مريض في المركز، أي خيار سوى البقاء في مكانه.

يعاني الرجل البالغ من العمر ٢٤ عاماً، والذي يعيش في دوما، عاصمة الغوطة الشرقية المحاصرة، من شلل نصفي، أو شلل في الأطراف السفلية، وهي إصابة دائمة ناجمة عن قصف منزله في عام ٢٠١٥.

يقول أبو زيد لمراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير، أنه أصبح عالقاً مع أكثر من ١٢ شخص آخر يعانون من شلل جزئي أو كامل، بعد أن ملأ الغبار مركز التأهيل جراء استهدافه.

“لا نستطيع أن نساعد بعضنا بسبب عجزنا ولاحتى أن نهرب”.

وقال خالد الحلاج، مدير المركز التخصصي لتأهيل ورعاية أذيات الحبل الشوكي، لسوريا على طول، الأربعاء الماضي، أن ضربة أخرى استهدفت المركز بعد نحو ثماني دقائق من وقوع الأولى، بينما حاول عناصر الدفاع المدني إخلاء المبنى، كما تم استهدافه مرة ثالثة بعد مرور ٨ دقائق من الضربة الثانية.

وأفاد الحلاج بأن ثلاثة أشخاص قتلوا بسبب الغارات، مريضان وموظف في المركز، وأصيب مركز التأهيل بأضرار لا يمكن إصلاحها.

أبو زيد يتلقى العلاج في مستشفى دار السلام في الغوطة الشرقية، يوم الأربعاء الماضي. حقوق نشر الصورة لأبو زيد.

ونجا أبو زيد من القصف إلا أنه أصيب بكسور وكدمات، وتحدث إلى سوريا على طول من مستشفى موجود في الغوطة، حيث يتلقى العلاج.

ويبحث الحلاج، عن موقع آمن لإعادة بناء المركز، وتأسس مركز التأهيل العام الماضي،  ويتلقى تمويلاً من المنظمات المحلية والمانحين والجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز)، التي أوردت خبر الهجوم.

وحتى وقت إعادة بناء المركز، يقول أبو زيد أنه وحوالي ٢٠ مريضا فقدوا، ليس فقط الخدمات العلاجية، إنما أيضا مجموعة من الدورات والأنشطة التي ساعدتهم في التغلب على تحديات الحياة اليومية بعد إصابتهم بالشلل.

حيث يقول “كان لنا كفسحة أمل تجعلنا نتجاوز عجزنا”.

حدثني عن الهجوم الذي استهدف المركز؟

عصر الثلاثاء، في ٢٦ أيلول، وأثناء تواجدي في المركز تم استهدافه وكانت أول غارة على المركز، كنا داخل المركز من عاملين ومستفيدين، ممن يعانون من شلل نصفي أو كامل.

بهذا الوقت شعرت بإعاقتي كوني لم أستطع أن أفعل شيء،  وكانت هناك حالة خوف وفي الغارة الثانية كان هناك إصابات بالمركز وجرحى وشهداء وكنا خائفين جداً، لأننا لانستطيع أن نساعد بعضنا بسبب عجزنا ولاحتى أن نهرب إضافة إلى أننا لم نكن نرى بعضنا من الغبار الذي انتشر داخل المركز بسبب القصف.

ماهي الخدمات التي تتلقاها في المركز؟

أصبت منذ عام ٢٠١٥ تقريبا بغارة استهدفت منزلي في مدينة دوما، كنت طالب ثانوي، نتج عنها شلل بالأطراف السفلية.

نتيجة إصابتي لجأت إلى المركز للحصول على المعالجة الفيزيائية، وأصبحت ارتاده بشكل يومي وأحصل على النشاطات التي يقدمها لذوي الإعاقة، من دورات لغة و بالإضافة للتمارين الرياضية.

فالمركز كان يقدم لنا جميع النشاطات التي تخرجنا من حالة العجز الذي كنا نعانيه بسبب إعاقتنا، كان لنا كفسحة أمل تجعلنا نتجاوز عجزنا من خلال الدورات والأنشطة التي كانت تقام فيه.

وتعلمت كيف أتوازن وكنت أقوم بتدريب المصابين على التوازن، فبهذا حصلت على عمل رغم إعاقتي، وأصبحت أقوم بتدريب المصابين فتحولت إلى شخص أستطيع أن أقدم شيء وأشعر بأني فعال.

ما هي الصعوبات التي تواجهها  نتيجة إصابتك بالشلل؟

في حياتي اليومية أنا بحاجة لمن يساعدني في احتياجاتي الطبيعية من مأكل ومشرب وملبس وتنظيف بسبب الإعاقة التي أعاني منها.

مريض وسط الدمار في المركز، الثلاثاء. تصوير: تنسيقية مدينة دوما.

وحتى أنني أحتاج إلى شخص يساعدني بالخروج إلى خارج المركز، وهذه صعوبة على الرغم من بساطتها لأي شخص غير معاق.

وأما بالنسبة للصعوبات الكبرى فأي مطلب مهما كان سهل المنال لشخص طبيعي فهو بالنسبة لي صعب جداً.

وأشعر أن المجتمع ينظر إلي “نظرة شفقة”، فمن الصعب عليَ أن أتقبل مساعدة وأنا في هذا السن المبكرة من أشخاص أخرين، رغم أنني بوضع أستحق المساعدة، ولكن أشعر نفسياً بالضيق والعجز عندما  يقدم أحدهم لي المساعدة.

ما الذي يعنيه إغلاق مركز التأهيل لك وللمرضى الآخرين؟

عائلتي خرجت خارج البلاد قبل إصابتي، لذا بدأت أعيش في المركز. حيث يقدم لي الخدمات وكأنني في منزلي.

[أوضح الحلاج أن المركز لا يستضيف عادة مرضى للإقامة فيه، لكن حالة أبو زيد تعتبر استثنائية لأن عائلته تعيش في الخارج].

والآن انقصف المركز وأصبح هناك عجز نفسي وعجز جسدي كون المركز الوحيد الذي يستقبلنا قد ذهب.

وحتى بعد عجزنا، بعدما حرمنا الأسد والحرب من أطرافنا السفلية وتأقلمنا مع واقعنا وتخطينا عجزنا عاد القصف من جديد ليسلب منا المركز.

لا يوجد أي مكان آمن في سوريا، والقصف لايميز بين معاق ولا طفل ولا شيء، كلنا مهددون بالموت نتيجة القصف في أي لحظة.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال