5 دقائق قراءة

مقال مصور: النازحون السوريون في مخيم الركبان يبنون نظاماً تعليمياً من الصفر

أستاذ المدرسة ماهر يعطي درساً في الرياضيات في ايلول . […]


25 سبتمبر 2018

أستاذ المدرسة ماهر يعطي درساً في الرياضيات في ايلول . تصوير عمر الشاوي لسويا على طول.

 

في أحد زوايا السبورة الصغيرة البيضاء يملأ أحد طلاب مدرسة أحمد العبد الله الابتدائية، جدول الضرب “ستة ضرب أربعة يساوي 24، ثمانية ضرب ثلاثة يساوي 24، 24 ضرب واحد يساوي 24”.

وفي الأعلى، آية قرآنية من درس سابق، مكتوبة بخط أنيق وملون لتمييز قواعد النحو المعقدة “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً”.

ويدير العبد الله الآن، الذي نزح منذ عدة سنوات من محافظة حمص الريفية، مدرسة ابتدائية مؤقتة في الركبان، وهو مخيم بعيد ورديء الخدمة، يقع على الحدود السورية الجنوبية الشرقية مع الأردن.

ويعيش هناك نحو 50 ألف نازحاً سورياً، معظمهم من محافظة حمص الريفية الشرقية، ويواجهون ظروفاً معيشية قاسية، حيث الأمراض السارية المتفشية والمياه والأغذية والأدوية باهظة الثمن – إن وجدت –  كما أن الاغلاق الأخير للعيادة الطبية التي تديرها الأمم المتحدة بالقرب من الأراضي الأردنية المجاورة، جعل السكان يتساءلون عن مدى قدرتهم على تحمل الحياة في مخيم صحراوي معزول كهذا، وقال مسؤول في الأمم المتحدة لسوريا على طول يوم الإثنين، أنه من المقرر أن تغلق العيادة مرة أخرى في هذا الأسبوع.

وتزايدت الشكوك الأسبوع الماضي بشكل كبير حول مصير المخيم، وذلك بعد أنباء عن إجلاء محتمل للمقاتلين والمدنيين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا، وهناك الآلاف من الأشخاص وقعوا بالفعل على قائمة الإجلاء التي لم يعلن عنها بعد والتي ستتجه إلى شمال سوريا.

ويعيش عشرات الآلاف من السكان، الذين تقطعت بهم السبل معلّقين بين الحدود المغلقة وعمليات الإجلاء التي تلوح في الأفق، وهم ممنوعين من دخول الأردن ويخافون من العودة إلى أراضي الحكومة السورية.

ومع بداية العام الدراسي الجديد هذا الشهر، يبقى التعليم أولوية رغم النقص الكبير في اللوازم المدرسية، وفقاً لما قاله سكان المخيم.

وصرح العبد لله الذي يدرّس اللغة العربية والرياضيات لعشرات الأطفال في المرحلة الإبتدائية، في غرفة واحدة في الركبان “همّنا الوحيد محو الأمية”.

وفي هذا المقال المصور تلقي سوريا على طول الضوء على الحياة اليومية في الركبان وحصص المدرسة وطلابها الصغار.

جميع الصور التي تم استخدامها لإعداد هذا التقرير مقدمة من عمر الشاوي.

درس الرياضيات في وقت سابق من هذا الشهر في مدرسة ابتدائية يديرها ماهر، أحد سكان المخيم ومدرس في المدرسة، وتتألف المدرسة من سبعة مدرسين،  منهم من تخرج من الجامعات ومنهم من كان يعمل بالتدريس قبل الحرب، بالإضافة إلى 300 طفل منتشرين في المدرسة التي تضم سبعة شعب وخيام مؤقتة، وفقاً لما قاله ماهر لسوريا على طول، مضيفاً أن العمل هناك تطوعي “لا يوجد جهات داعمة لدفع رواتب المدرسين”.

يحضر حالياً أكثر من 4000 طفل دروساً في المرحلة الابتدائية في الركبان، وفقاً لأحمد الزغيرة، رئيس مكتب التعليم في الإدارة المدنية المحلية للمخيم، في الوقت الذي لا تتوفر فيه الخدمات التعليمية للطلبة الأكبر سنًا بسبب نقص الإمدادات والاعتمادات التي من شأنها أن تضمن لهم أماكن للاختبارات المعيارية عالية المستوى، وربما الجامعية بعد ذلك، وأضاف الزغيرة المدارس في الركبان تقتصر فقط على المرحلة الابتدائية (حتى الصف السادس).

قال أبو محمد الحمصي، 45 عاماً، أحد سكان مخيم الركبان ، الذي فرّ من مسقط رأسه في محافظة حمص الريفية قبل ثلاثة أعوام “لدي ابن في الخامسة عشر من عمره، المفروض أن يكون في الصف التاسع أو العاشر”، “عندما غادرنا، كان في الصف السابع ولكن هنا لا توجد مدرسة متوسطة، لذلك لم يدخل المدرسة في المخيم على الإطلاق”، وبالنسبة لأطفاله الثلاثة الذين لا يزالون يحضرون دروسهم “لا توجد مقاعد، ويجلس الأطفال على البطانيات أو على الأرض، والصف هو عبارة عن خيمة”.

 

وكانت المساعدات التي قدمتها الأمم المتحدة للمعلمين المحليين من الأراضي الأردنية في العام الماضي  تحتوي على لوازم مدرسية مثل الدفاتر وأدوات الكتابة، وفقاً لما قاله المعلمون لسوريا على طول، لكن احتياجات المخيم التعليمية كبيرة جداً.

وفي بعض المدارس الصغيرة – بما في ذلك مدرسة عبد الله – يأخذ المعلمون رسومًا شهرية بسيطة من الطلاب من أجل الاستمرار، وقال العبد الله إنه يجمع 2000 ليرة سورية (حوالي 4 دولارات) من كل تلميذ شهرياً.

ورغم التحديات التي يواجهها في عملية التدريس داخل المخيم، إلا أن العبد الله (الذي تظهر صورة مدرسته الخاصة بأطفال الحي) مناسب لهذا المنصب، فعمله قبل الحرب كان في وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية، وكان يدرس أبناء البدو في منطقة الصحراء الشرقية في البلاد.

قال العبدلله لسوريا على طول “تتراوح أعمار طلابي في الركبان من خمسة إلى 13 سنة”.

وأضاف “لا يوجد أي جهات رسمية تعترف بالطلاب، وعلى أي حال جاءت فكرة تأسيس المدرسة لأن همنا الوحيد هو محو الأمية”.

أطلق عبد لله اسم “براعم المستقبل” على مدرسة مخيم الركبان، والتي تقدم خدماتها للبنين والبنات.

 

هذا التقرير المصور هو جزء من تغطية سوريا على طول لأوضاع النازحين في سوريا بالتعاون مع منظمة كونراد أديناور والمراسلين على الأرض في سوريا. اقرأ تقريرنا التمهيدي هنا.

 

شارك في إعداد التقرير: عمر الشاوي

ترجمة: بتول حجار

شارك هذا المقال