4 دقائق قراءة

أهالي اللطامنة يحرمون من الرعاية الطبية بعد تدمير المركز الطبي الوحيد في البلدة

بدأت فاطمة تشعر بالقلق مع اقتراب موعد ولادتها، وذلك بعد […]


25 أكتوبر 2016

بدأت فاطمة تشعر بالقلق مع اقتراب موعد ولادتها، وذلك بعد أن دمرت غارة جوية روسية العيادة الوحيدة في اللطامنة، بلدة المرأة التي تبلغ من العمر تسعة عشر عاما، في ريف حماة الشمالي، يوم السبت الماضي، حيث بقيت وغيرها من الأهالي، ومعظمهم من الأطفال والنساء، دون مكان يلجأون إليه من أجل تلقي الرعاية الطبية.

وتقول أم أحمد، والدة فاطمة، وتبلغ من العمر 50 عاما، لسوريا على طول، حيث طلبت عدم الإفصاح عن اسمها، “ابنتي الآن في أيامها الأخيرة من الحمل وما زلت متوترة حيال ولادتها، وكيفية نقلها إلى مشافي إدلب البعيدة في ظرف طارئ كهذا”.

وتضيف أم أحمد “نعاني من صعوبة كبيرة في التنقل إلى مشاف أخرى؛ فكيف الآن بعد أن قصف الروس مشفانا الوحيد، سنلقى صعوبات كبيرة بالذهاب إلى مشافي إدلب التي تبعد مسافة كبيرة عنا، خصوصا لدى النساء الحوامل”.

وتأسست العيادة الطبية الوحيدة في اللطامنة قبل ثلاثة أشهر فقط، بتمويل من الهلال الأحمر القطري، وكان من المفترض أن تحل مشكلات أشخاص مثل فاطمة.

ولم يكن في بلدة اللطامنة، التي تضم 7 آلاف شخص، طبيبا خاصا بها. وبعد تأسيس العيادة تجمع طبيب عام، وأطباء أطفال وأطباء توليد في منشأة طبية واحدة، لتسهيل الأمور على الأهالي بدلا من الذهاب إلى ريف حماة المحاصر.

أما الآن، يتوجب على الأهالي السفر 35 كيلومترا للوصول إلى أقرب مستشفى، في خان شيخون جنوب إدلب، وفقا لما قاله أحمد الصالح، ممرض يعمل في العيادة التي دمرت، لسوريا على طول.

ويقول الصالح “المركز كان يقدم خدمات لحوالي 60 شخصا يوميا، أغلبهم نساء وأطفال، ولا يوجد غيره في المنطقة، كمركز صحي يدعم التخصصات السابقة”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتأثر فيها المركز الصحي في اللطامنة بالاقتتال في ريف حماة الشمالي، وهو مجموعة من الأراضي الزراعية الجبلية تمتد على خط المواجهة بين محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال، ومناطق سيطرة النظام في الجنوب.

ومنذ عام 2012، أدى القتال العنيف بين قوات النظام والثوار شمال حماة إلى تشريد عشرات الآلاف من منازلهم. وفي عام 2015، انضمت الطائرات الحربية الروسية للأسد، مستهدفة المنطقة بالغارات الجوية بشكل شبه يومي.

وازدادت وتيرة القصف الشهر الماضي، حيث عمل النظام وروسيا على صد هجوم الثوار في المنطقة.

ويقول الصالح “كنا نتوقف عن العمل مؤقتا في بعض الأحيان، بسبب القتال العنيف والقصف، ومع ذلك، هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق المركز تماما”.

في السياق، يقول محمود، وهو متطوع في الدفاع المدني، من اللطامنة، أن إغلاق المركز سيضر بالفعل بالعائلات في المنطقة، حيث أن زوجته، حامل بطفلهما الثاني، تعتمد على أطباء التوليد المتواجدين في العيادة من أجل ولادة آمنة.

ويقول محمود، لسوريا على طول، “اقتربت ولادة زوجتي، وأصبح ذلك هما يثقل كاهلي خاصة بعد فقداننا للمركز الصحي الوحيد في منطقتنا، وأصبح ذلك هاجسا مزعجا بالنسبة لي بكيفية نقل زوجتي عندما يحين موعد ولادتها إلى مشافي إدلب”.

ويعتمد ابن محمود الذي يعاني من مرض السكري، وعمره 10 سنوات، على المركز الطبي في اللطامنة. حيث يقول محمود “سابقا، كنت أصطحب طفلي معي إلى مركز اللطامنة الصحي الموجود في البلدة دون بذل جهد، كونه قريب في نفس المنطقة ليأخذ إبر الأنسولين فيه، أما الآن فإني أضطر للذهاب إلى مشفى خان شيخون وأقطع مسافات طويلة دون مقدرتي على اصطحاب ابني كونه يعاني من السكر لا يقدر على تحمل مشقة الطريق”.

ويضطر محمود للسير مسافة 35 كم للوصول إلى خان شيخون، حيث لا يملك سيارة يتنقل بها، مشيرا إلى أن الرحلة تستغرق ست ساعات باتجاه واحد، عبر المناطق الجبلية.

” لانعلم إن كان سيتم نقل المعدات والتأسيس في مكان آخر”

لم يكن الهلال الأحمر القطري واضحا حول ما إذا كان سيساعد في إعادة فتح المركز الطبي، حيث ورد في بيان له، الأحد الماضي، أنه “لن يتوانى عن الاستمرار في مهمته الإنسانية في سوريا”.

وجاء هذا البيان بعد أن دمرت المعدات الطبية بسبب غارة جوية أسفرت عن مقتل خمسة مرضى.  

ويقول الصالح، أن الغارة استهدفت غرفة انتظار المرضى بشكل مباشر عند الباب الرئيسي للمركز، مما أدى إلى استشهاد خمسة أشخاص كانوا متواجدين في غرفة الانتظار. أم، وأب وطفلهما، وكذلك أم أخرى وابنتها الشابة توفوا بينما كانوا ينتظرون تلقي العلاج الطبي.

المركز الطبي الوحيد في اللطامنة بعد الغارة الجوية. تصوير: UOSSM

أما المريض السادس، “فتاة عمرها أحد عشر عاما” توفيت متأثرة بجراحها، بينما كانت في طريقها إلى متشفى ميداني قريب، حسب ما يقوله الصالح.

وتضررت حاضنات الأطفال، وجهاز الموجات فوق الصوتية، وتحطمت النوافذ وسط أنقاض المبنى، كما انهارت الجدران الخارجية، وتم إجلاء أكثر من أربعين موظفا ومريضان كانوا في الداخل، وفقا لما قاله الصالح، الذي كان في عيادة الأطفال عند سقوط القذيفة.

كما دمرت سيارة الإسعاف والكثير من المعدات الطبية، وشبكات المياه والكهرباء، وأصبحت غير صالحة للاستخدام.

ويقول الصالح “لا نعلم إن كان سيتم نقل المعدات والتأسيس في مكان آخر”.

وبالنسبة لفاطمة، التي من المقرر أن تلد طفلها في غضون أيام، فإن دمار المركز الطبي والمعدات فيه كان خيبة لآمالها بالولادة الآمنة.

ويتوجب الآن أن تلد فاطمة في المستشفى في خان شيخون، في حال تمكنت من الوصول في الوقت المناسب.

وتقول والدة فاطمة “المركز الصحي كان يغطي في خدماته منطقتنا الوعرة الجبلية، حيث نعاني من صعوبة كبيرة في التنقل إلى مشاف أخرى، وأقرب مستشفى بعيد جدا”.

وفاطمة نفسها “ما زلت متوترة حيال ولادتها”.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال