6 دقائق قراءة

نجاح هامشي وصمود هش: الهدنة في سوريا بين سيء وأسوأ

في 25 شباط، وافقت اللجنة العليا للمفاوضات والتي يرأسها رياض […]


11 مارس 2016

في 25 شباط، وافقت اللجنة العليا للمفاوضات والتي يرأسها رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري سابقا، الممثلة لسبعين فصيلا ثوريا، على اتفاقية وقف الأعمال العدائية التي تدعمها روسيا لمدة أسبوعين.

وقبل دخول الإتفاقية قيد التنفيذ، بيومين، تحدث خمسة قادة ثوريين، لسوريا على طول عن أنهم “مستعدين للالتزام” بها، ولكنهم يشككون بمصداقية و”نوايا” النظام. (إقرأ المقابلة هنا)

وفي بداية الهدنة، اتفق المسؤولون الروس والأميركان على أن “لايقاضوا” الانتهاكات الواردة “بطريقة علنية”، ولذلك ليس هناك تسجيلات رسمية للانتهاكات من أي طرف كان.

على أية حال، فإن الكثير من المنظمات الخارجية تحتفظ بمدونات غير رسمية للخروقات. على سبيل المثال، فإن الشبكة السورية لحقوق الإنسان(SNHR)  وثقت في الثامن من أذار 223 خرقا، ولاسيما في دمشق وحمص ومحافظة اللاذقية.

ومن جهته، ذكر مركز المصالحة السوري، وهو مركز مراقبة تشرف عليه وزارة الخارجية الروسية أن المجموعات الثورية ارتكبت 123 خرقا في السابع من أذار.

وهنا أربعة قادة ثوريين، ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يقيمون فعالية الهدنة إلى الآن. وجميعهم متفقون  على انخفاض مستوى العنف، ولكنهم يختلفون عن السبب وراء ذلك.

  • الدكتور فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة رصد  تصدر تقارير يومية عن انتهاكات الهدنة (انظر تقارير (SNHR)هنا):

كيف تسير الهدنة إلى الآن من وجهة نظرك؟

اعتماداً على رصدنا اليومي للخروقات، يمكننا القول بصراحة، أنه كان هناك انخفاض ملحوظ في مستوى العنف والدمار.

وبالطبع، هذا لا يعني أنه لم يكن هناك اعتداءات. فعلى سبيل المثال، لم يمر يوم واحد خلال الهدنة دون قتل مدنيين بضربات النظام وغارات الروس.

ويمكنني القول أنه في كفتي ميزان ما بين سيء وأسوأ، فإن نجاح الهدنة كان هامشيا، ولكن ليس أمام السوريين خيارات أخرى.

كيف يمكن لهذه الهدنة أن تحقق انتقالا من الحرب إلى عملية سياسية حقيقية؟

إذا استطاعت الدول الداعمة أن تحافظ على الهدنة لفترة مطولة، وتقلل من عدد الخروقات، فإننا نأمل أنها ممكن أن تزيد من إجراءات بناء الثقة، وتصل بنهاية الأمر إلى البدء بالعملية السياسية.

ولكن لدينا الكثير من التحفظات حول إمكانية نجاح الهدنة، فلم يفك الحصار إلى الآن، وهناك اختلاف شاسع مابين إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة وفك الحصار عنها.

ولم نشهد أي تطور فيما يتعلق بإطلاق سراح المعتقلين مع استمرار التعذيب داخل مراكز الاعتقال خلال الهدنة، ووثقنا سبع حالات وفاة جراء التعذيب منذ بداية الهدنة.

أبو البراء، قائد جيش الاسلام في ريف حمص الشمالي

كيف اختلف الوضع قبل الهدنة عما بعدها من ناحية القصف؟ ومن ناحية المعارك البرية؟

اختلف كثيرا من ناحية توقف قصف الطيران الروسي والسوري بشكل كبير، وهذا طبعا أثر على حركة المدنيين وتنقلاتهم .

أما من ناحية المعارك البرية فلم يتغير شيئ ولم تتغير نقاط التماس والاشتباك عن ما قبل الهدنة.

برأيك هل التزم النظام بالهدنة؟

النظام خرق الهدنة ويخرقها يوميا وأغلب الخروقات تكون عن طريق استهداف الجبهات ومنازل المدنيين بالرشاشات الثقيلة وبعض قذائف الهاون .

هناك اتهامات من مراقبين روس بأن الثوار أيضا قد خرقوا الهدنة، فما ردك؟

لا أبدا لم تخرق الهدنة من قبلنا أبدا، وانما تعاملنا مع مصادر اطلاق النار فقط ولم يتتطور الأمر أكثر من ذلك. ونحن مهتمون بالهدنة وتماسكها لما فيها من حقن لدماء الأهالي العزل.

مالأمر الذي يحثكم على دعم وفد المعارضة للدخول في محادثات مع النظام؟

اخراج المعتقلين بالدرجة الأولى هي خطوة ايجابية تدفعنا للذهاب إلى جنيف ومادون ذلك لا أعتقد بأنه نافع.

  • المتحدث باسم المكتب الاعلامي للفرقة الثانية الساحلية، والذي رفض نشر اسمه.

كيف اختلف الوضع قبل الهدنة عما بعدها من ناحية القصف؟ ومن ناحية المعارك البرية؟

قلّ القصف خلال الهدنة ببعض المناطق التي لا تعتبر مهمة للنظام، في حين استمر القصف بنفس المعدل والشدة في المناطق الاستراتيجية في محاولة لنظام للتقدم قدماً.  

قلت أن النظام استغل الهدنة كيف ذلك؟

لقد تم خرق الهدنة في الساحل، منذ الساعات الأولى، ولكن نوع القصف اختلف قليلاً، حيث أن القصف تركز على القصف المدفعي، وتم استخدام المروحيات لإلقاء البراميل، في حين كان يعتمد بشكل كبير على الطيران الحربي الروسي، الذي كان يحرق كل شيء ويسبب دماراً كبيراً.

أوهم النظام العالم والمجتمع الدولي أنه يلتزم بالهدنة، وأن القصف متوقف وتلاعب بأهمية المناطق لإثبات انه يلتزم بها، حيث أن القصف توقف في مناطق التي ليس لها أهمية واستمر بنفس الوتيرة بالمناطق الاستراتيجية بالنسبة له.

أما من الناحية البرية النظام حاول استغلال الهدنة للتقدم برياً من عدة محاور، ولكن تم التصدي له من قبل الثوار.

بالنسبة للمناطق التي يحاول النظام التقدم فيها بريف اللاذقية، وقام بقصفها البارحة بالطيران الحربي وجبهة اللاذقية لم تشهد هدنة أصلا لأهميتها، فالنظام يعمل على رسم حدود التقسيم وحشر الثوار بإدلب.

تم خرق الهدنة من قبل النظام، وبالمقابل هناك اتهامات من النظام أنكم خرقتم الهدنة أيضا، ما موقفكم من هذه الإتهامات؟

نحن لم نخرق الهدنة، ولكن تم التصدي لمحاولات الجيش التقدم باتجاه مناطق سيطرتنا.

بشكل عام هل تعتقد ان الهدنة حققت نفعا للشعب وللثورة؟

طبعاً حققت نفعا ولو كان ضئيلاَ، حيث أنها كشفت حقيقة النظام للمرة المئة بأنه كاذب وغير جدي بالالتزام أمام المجتمع الدولي.

ومن النواحي العسكرية بعض الفصائل في بعض المناطق استطاعت إعادة ترتيب أمورها العسكرية وغيرها، بالإضافة إلى أنها خففت قليلاً من وحشية القصف عن الأهالي في بعض المناطق.

  • النقيب عمار الواوي، أمين سر الجيش الحر وقائد كتيبة أبابيل في محافظة حلب

ما رأيك بألية سير الهدنة؟

قلت سابقا انه لاتوجد الية ردع دولية لمنع خرق الهدنة وبالتالي النظام قام بعدد كبير من الخروقات منذ لحظة بدء الهدنة، وهذا موثق لدينا، ولدى عدد كبير من الناشطين الحقوقيين. الهدنة فاشلة قبل ان تبدأ طالما لم يتم وضع ألية لمنع الخروقات ومحاسبة الجهة التي ستخرق الهدنة.

برأيك هل يمكن أن تستمر الهدنة أكثر؟

لا أتوقع استمرار الهدنة، ولكن الفصائل التي وافقت على الهدنة وافقت بناء على طلب الهيئة العامة للمفاوضات لوضع الدول أمام مسؤلياتها تجاه عربدة الطيران السوري والروسي، ولكي يظهر أمام العالم أن من يقتل المدنيين بحجة ضرب الارهاب هو النظام المجرم، رغم أنه تم استثناء النصرة وداعش إلا ان طيران النظام لم يستهدف أي موقع للنصرة وداعش حتى هذه اللحظة، وذلك دليل أنه هو من يدعم الارهاب، وهو من يحمي ويقوي الارهاب في سورية.

  • وائل علوان، الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن، أحد أبرز الفصائل في الغوطة الشرقية

كيف اختلف الوضع قبل الهدنة عما بعدها من ناحية القصف؟ ومن ناحية المعارك البرية؟

حجم الجرائم والمجازر التي كان يرتكبها النظام في المناطق المحررة قد خف بعد هذه الهدنة، لكن هذا لا ينفي وجود خروقات للنظام، وهذه الخروقات، تتسبب بمزيد من القتل، بمزيد من التدمير، مزيد من الجرائم.

لذلك نحن لا نقول أن الهدنة ستنهار أو يجب أن تنهار، بقدر ما نقول على الجميع من الأطراف الراعية للهدنة ولوقف الأعمال العدائية وللمهتمين بالوصول إلى مخرج أو حل سياسي عليهم أن يضغطوا على النظام للالتزام الكامل بالهدنة.

هل تعتقد ان النظام استغل الهدنة، وكيف ذلك؟

هناك خروقات كثيرة بالقصف المدفعي والجوي والهاون على معظم الخارطة السورية، ونذكر عمليات اقتحام في حماة، وفي المرج بالغوطة الشرقية، حيث دخلوا إلى مربع جديد لم يكونوا سيطروا عليه قبل الهدنة هو منطقة الفضائية، وثلاثة محاولات لاقتحام بلدة بالا، اثنتين منهما صدها فيلق الرحمن، والاجتياح الثالث الذي قام به النظام على بلدة بالا أخذ فيه نقاط عديدة للثوار في صمت دولي عن هذا الانتهاك الصارخ لهذا الاتفاق.

تم خرق الهدنة من قبل النظام، وبالمقابل هناك اتهامات من النظام انكم خرقتم الهدنة ايضا، ما موقفكم من هذه الاتهامات؟

طبعا وجهت لنا في فصائل المعارضة حول عدم إعلاننا لانهيار الهدنة أو موقفنا منها بعد كل هذه التجاوزات، ولا بد هنا من التذكير بأننا لا نطمح بالمزيد من النار والدمار، وإنما نسعى إلى أن تتوقف هذه الخروقات، فلا يكون الحل أمام هذه الخروقات للهدنة هو نسفها من أساسها، وإنما محاولة الوصول إلى وسائل ضغط حقيقية على هذا النظام ليكف عن قصفه وعن عدوانه على المناطق المحررة.

بشكل عام هل تعتقد ان الهدنة حققت نفعا للشعب وللثورة؟

إننا في فصائل المعارضة السورية المسلحة دعونا سابقا إلى كافة المبادرات والسبل والطرق التي تضمن فك الحصار على المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات لها، والكف عن قصف المدارس والمشافي والأسواق والمدن، والنظام السوري يعلم اليوم أن أي حل سياسي قد يكون كفيلاً بإزاحة هذا النظام، قد يكون اليوم وقف إطلاق النار هو مطلب روسي انقاذا لاقتصادها، وقد يكون مطلباً أميركيا، لكن بالمقابل الحل العسكري هو مسألة وجود بالنسبة للنظام لذلك هو يرمي كل المبادرات الدبلوماسية والسياسية أمام ظهره، غير آبه بهذه المساعي الدبلوماسية جميعها.

وقد أثبتت الفصائل المسلحة في هذه الأيام الخمسة عشر أنها قادرة على أن تتفق على رؤية وعلى حل، وأثبتت لكل العالم أنها صاحبة مسؤولية وقادرة على اتخاذ قرار موحد، وأن تلتزم به، بالمقابل عدم استطاعة النظام أو عدم رغبته بالالتزام بما يوقع من اتفاقيات سياسية او دبلوماسية.

 

شارك هذا المقال